محجوب مدني محجوب يكتب:
إن أريد إلا الإصلاح:
تفسير الحالة التي حلت بالشعب السوداني
حالة واحدة سادت جميع الشعب السوداني إزاء الحرب وهي ما إن يسمع بقدوم قوات الدعم السريع إلى منطقته إلا ويخرج تاركا له المكان بدون صراخ أو مقاومة أو صدام.
منظر واحد شمل جميع الشوارع في الأصقاع المختلفة التي هاجمتها قوات الدعم السريع شملت هذه الحالة الأم درمانات والصحافات والكلاكلات وكافوري وشمبات وشرق النيل والعيلفون وود مدني حالة واحدة إن لم يستجب البعض لها في لحظة هجوم الدعم السريع استجاب لها بعد يومين أو أسبوعين أو شهرين إلى أن يصير الكل إزاء هجوم الدعم السريع على حالة واحدة وهي ترك المكان له بلا ادنى مقاومة.
وهو ما تعارف عليه الناس بالنزوح.
الطبيعي هو أنه على اختلاف الناس لا يمكن أن يتفقوا جميعا على حالة واحدة إلا إن كانت الحالة التي هجمت عليهم ذات دلالة واحدة.
يتصارع الدعم السريع على سلطة وثروة معا وذلك بدليل أنه حينما خرج الناس من ديارهم لم يعترض عليهم بل سمح لهم بذلك ومهد لهم الطريق.
ووفقا لهذا التفسير لم تحدث أي مقاومة من الشعب السوداني، فهو لا يمتلك سلطة حتى يحافظ عليها كما أنه ليس لديه ثروة حتى يحرص عليها.
كل ما لديه ممتلكاته الخاصة، فإن كانت هذه الممتلكات الخاصة تفديه بروحه وعرضه وسلامته تركها خلفه وهو فرح بذلك.
وبذات التفسير فإن من يدخل في صراع مع الدعم السريع هي عكس حالة الشعب السوداني هذه هي تلك الجهة التي فقدت سلطتها وثروتها، وبما أن الشعب السوداني لم يكن يقف على سلطة أو ثروة لذلك لم يصطدم مع قوات الدعم السريع.
فلا أحد يغامر بالحفاظ على بيت أو سيارة أمام سلاح يدرك تماما أنه لا يعرف الرحمة.
شعور طبيعي سيطر على كل أطياف الشعب السوداني وهو أن ينفدوا بجلدهم أمام هذه القوات التي هاجمتهم.
شعور لم يكن خاصا بشخص دون شخص ولا بأسرة دون أسرة ولا بحي دون حي ولا بمدينة دون مدينة ولا بولاية دون ولاية.
الكل تعامل معه بشعور واحد.
لا يمكن أن يقال عن كل ردة الفعل هذه جبن او استغناء او برود.
فلا يمكن أن يكون كل الناس جبناء أو كلهم مستغنيين أو كلهم باردين.
ردة فعل واحدة سببها هو أن هذا الشعب لا علاقة له بسلطة أو ثروة حتى يموت من أجلها.
يدعم هذا التفسير هو ان ضده مباشرة هو التفسير الصحيح، فمن يدعم الحرب ويدعو للمقاومة ويدعو للصدام في وجه قوات الدعم السريع هو ذلك الاتجاه الذي فقد سلطته وثروته.
فبنفس القدر الذي جعل جميع أطياف الشعب السوداني تتعامل بردة فعل واحدة إزاء هجوم الدعم السريع عليه، فكذلك من فقدوا السلطة والثروة كان شعورهم وموقفهم واحد تجاه هذه القوات وهو الهجوم والقضاء عليها.
إن القاعدة التي يستند عليها هذا التفسير هي أن الصفة الواحدة تجمع كل من له علاقة بهذه الصفة.
يتزاحم الناس أمام مكتب حجز للطيران رغم اختلاف وجهاتهم السبب في أنهم اجتمعوا على هذا الزحام هو ان جميعهم ينوي السفر.
يتزاحم الناس أمام محل تجاري رغم اختلافهم فيما يشترون السبب أن هذا المحل له صفة واحدة جعلت الزحام حوله هي أن أسعاره مخفضة أو أي سبب آخر واحد جعل الجميع يتزاحمون حوله.
اما إذا تعددت المواقف فهذا يعني أن الجهة التي يتعامل معها الناس تحمل أكثر من صفة.
او أن الناس متعددو الصفات حيالها.
فليس كل الناس حريصين على السفر لاختلاف أمزجتهم وأحوالهم.
فالشاهد من هذه القاعدة وأمثلتها أن الناس على اختلاف مستوياتهم وأمزجتهم وأماكنهم لا يتفقون حول شيء واحد إلا إن كان هذا الشي له صفة يشترك فيها كل الناس.
فالصفة التي جعلت كل الناس يؤثرون الابتعاد عن منطقة الصراع في الحرب الدائرة اليوم في السودان هي أنهم لا علاقة لهم بسلطة أو ثروة.
وذات السبب هو الذي جعل من يدعون للحرب وللمواجهة وللصدام مع قوات الدعم السريع هي أنهم فقدوا السلطة والثروة.
بوضع هذه القاعدة سيتضح مباشرة من الذي يدعو لهذه الحرب من جهة ومن الذي يبتعد ويفر منها من جهة أخرى.