محجوب مدني محجوب يكتب:
إن أريد إلا الإصلاح:
لماذا كل هذه الكمية المهولة من الكتابة؟!
نشانا نشأة أكاديمية تهتم بالدراسة حسب مجال وعمل الوالد من جهة، وحسب الحياة لمدينة بسيطة ترقد هادئة على ضفاف نهر الدندر لا يهمها من السياسية سوى الاستماع لنشرة الثالثة على راديو الإذاعة السودانية، والتي كانت تضم تلك النشرة اليومية أهم الأخبار الداخلية والعالمية.
كما كنا نعلم على استحياء أن هذه النشرة لا تتضمن كل ما يحدث أو يؤرق الحياة العامة لكننا لم نكن نهتم بحسب اهتماماتنا من جهة، وبحسب أن الساحة أصلا خالية من أي نشاط سياسي معلوم.
نشأنا وترعرعنا على هذه الحالة، وكأن عالم السياسة عالم غريب عنا نسمع صوته من بعيد، ولا نحرص على تبيان كلماته وعباراته.
جاءت مرحلة الجامعة وهي مرحلة جامعة بالفعل بها كل الخيارات.
خيار السياسة فيها واضح وضوح الشمس ينبيك عن نفسه بمجرد دخولك عبر (المين رود) وهو الشارع الرئيسي للجامعة.
وكما أن هذا الشارع هو الشارع الرئيسي للمنابر السياسية إلا أنه في نهايته كانت تجلس المكتبة الرئيسية في عزة وإباء.
وطبعا حسب الخلفية التي جئنا بها إلى الجامعة تسللنا كل أركان النقاش التي كاتت تتحلق حوله ممعنين النظر لكلية غردون القديمة محط المكتبة الرئيسية.
وقطعا من يدخل في دهاليز هذه المكتبة لا يسمع أي صوت خارجها دعك من توصيفه.
واستمر الحال هكذا كل حسب اهتماماته ونشاطه وميوله.
وطبعا كانت تأني مرحلة الانتخابات، والتي كانت تعج بها الجامعة من أولها إلى آخرها.
انتخابات اتحاد جامعة الخرطوم، ولكم أن تتخيلوا ارتباط هذا الاتحاد بتغيير الحكومات في السودان.
ألا أننا كنا نتجاوز هذه الفترة فترة الانتخابات بضم صوتنا لصناديق التيار الإسلامي بحكم علاقتنا بهم بالمسجد، وبحكم أننا نريد أن نقول أننا شاركنا في كل هذه التظاهرة.
حتى أننا كنا لا نهتم بالنتيجة كثيرا خصوصا إذا وضع معها جدول امتحانات الجامعة، وما أدراك ما جدول امتحانات الجامعة.
فجاة وبدون سابق إنذار وجدنا خلايانا السياسية تنشط وبسرعات متقاربة قبيل سقوط حكومة البشير.
ونما إلى ذهننا اسئلة لم تكن مطروحة من قبل.
من نوع:
هل نحن فعلا قطيعا يساق ينا إلى حيث لا ندري؟
هل صوتنا مجرد رقم يكمل به نصاب ترشيح رئيس اتحاد جامعة الخرطوم؟
أو مجرد ديكور لإثبات ممارسة حكومة البشير للديمقراطية؟
وهكذا ظلت الخلايا السياسية تنشط في دواخلنا يوما بعد يوم، وتكتب بحرقة وألم إلى ان بلغت ذروتها صبيحة التاسع عشر من ديسمبر ٢٠١٨م.
وبدأت الأسئلة الأكبر حجما وتعقيدا تسيطر علينا وتحيط بنا من كل جانب.
أين الخلل؟
أين الصواب؟
هل نحن من أوصلنا أنفسنا لهذه المرحلة؟
هل كنا فعلا مجرد معابر لهؤلاء السفلة؟
سواء بتجاهلنا لهم أو بقبولنا لهم؟
وهل الصواب على الجانب الآخر من الطريق؟
الجانب الذي يسخر من الدين والثقافة؟
قطعا لا.
وهكذا بدأ ينبض بقوة في دواخلنا النشاط السياسي.
وأصبح مثلنا مثل تلك المرأة التي تعطلت لديها كل خلايا الإنجاب، ومجرد ما علمت أن زوجها تزوج عليها أصيبت بهالة كبيرة من الاستفزاز جعلت خلايا الإنجاب تنشط فيها للدرجة الني أصبحت معها تنجب مرتين في العام الواحد.
لا تفسير لحالة اهتمامنا الزايد بالسياسة سوى هذا التفسير.
وهو أننا تم استفزازنا للدرجة التي جعلت كل خلايانا السياسية بهذه الحيوية والنشاط،
وصرنا نكتب كمن ذلك الذي يريد أن يعوض كل ما لم يكتبه من قبل.
Home / الاعمدة / محجوب مدني محجوب يكتب: إن أريد إلا الإصلاح: لماذا كل هذه الكمية المهولة من الكتابة؟!
Check Also
*د.محمد الريح الشيباني يكتب:* *سطور من نور:* *هذا ليس من الكرم في شيء*
*د.محمد الريح الشيباني يكتب:* *سطور من نور:* *هذا ليس من الكرم في شيء* أغيثوا المنكوبين …