عثمان جلال يكتب:
خيار الفريق البرهان الوحيد قيادة الشعب والجيش حتى النصر
(١)
ما ان تسقط مدينة كبرى في يد مليشيا ال دقلو المجرمة حتى تعلو الاصوات الداعية لعزل قائد الجيش الفريق البرهان بحجة انه السبب وراء تمدد المليشيا في الولايات وتموضعها وخلق توازن قوة يحتم ابرام صفقة تسوية معها عبر وساطة خارجية تعيد انتاجها سياسيا وعسكريا واقتصاديا وذلك للمحافظة على بقاءه في الحكم ، ويسوق المحرضون للاطاحة بالبرهان بان الخليفة عمر بن الخطاب عزل قائد الجيش الاسلامي خالد بن الوليد وهو الذي لم يخسر معركة في الجاهلية والاسلام وطبعا البرهان هو رمز السيادة الاول في الدولة .
في البدء علينا استدعاء الدوافع السياسية الحقيقية التي قادت عمر إلى عزل القائد العسكري الفذ خالد حيث تقول الرواية ان خالد بن الوليد أصابه شيء من الغرور والطموح وزينة له الدائرة الضيقة التي تلتف حوله انه جدير بالصعود إلى منصة الرجل الأول في الدولة الاسلامية، وقد راقت الفكرة لخالد إلا أنه ارتاى تأجيلها إلى حين وفاة الخليفة عمر ومعلوم ان عمرا وخالدا يتحدران من بني مخزوم حلفاء بني عبد شمس وبني عبد الدار وهو الحلف المنافس لبني هاشم على زعامة مكة في الجاهلية والاسلام.
وعندما تناهى إلى اسماع عمر تخطيط خالد عزله خشية الانقلاب العسكري على دولة الخلافة خاصة ان الجيش الإسلامي في الشام الأكثر تدريبا وتنظيما وتسليحا وقد وظف معاوية بن ابي سفيان هذا الجيش لتحويل الخلافة الاسلامية الى نظام ملكي .
(٢)
لقد دارت مناظرة فكرية وسياسية بين عمر وخالد حول هذا المخطط في المسجد النبوي وعلى الملأ من الصحابة
وارتاى خالد ان طموحه في الخلافة مشروع وقدراته تؤهله لذلك.
هناك رواية أخرى تقول ان أبوبكر الصديق المشهود له باللين وظف سيف خالد بن الوليد البتار لمواجهة تحديات الردة التي ضربت بأطنابها جزيرة العرب ، بينما وظف عمر بن الخطاب شديد القوة والبأس عقلانية وحكمة ابوعبيدة بن الجراح في فتوحات الفرس حملة قلم الحضارة الاسلامية وفتوحات الروم اهل الحجاج المنطقي والفكري.
(٣)
اذا أخرجنا هذه الواقعة التاريخية من سياق تابوهات الفكر السياسي الاسلامي إلى اطار البراغماتية السياسية فانها تنم عن حالة التنافس والتدافع المشروع بين كبار الصحابة للصعود إلى منصة الرجل الأول في دولة الخلافة الاسلامية، ومعلوم ان التناغم والتحالف بين أبوبكر وعمر وابوعبيدة رضي الله عنهم قديم عندما قادوا المناظرة مع الأنصار في سقيفة بني ساعدة والتي انتهت بأيلولة الخلافة في قريش (الائمة من قريش)، وعندما دنا اجل ابوبكر رشح عمر للخلافة من بعده، وقال عمر بن الخطاب قبل وفاته ( لو كان ابوعبيدة بن الجراح حيا لاستخلفته ولئن سألني ربي قلت استخلفت امين الله ورسوله )
(٤)
إسقاط هذه القصة التاريخية على سياق واقعنا السياسي الراهن تنم ان طموح الفريق البرهان الشخصي في الحكم مشروع ، ولكن ما هي أدواته وروافعه؟ ان ابرام صفقة سياسية عبر روافع الوساطة الخارجية تعيد إنتاج مليشيا ال دقلو مهدد شخصي للفريق البرهان قبل ان يكون مهدد وجودي للدولة السودانية ، لأن هناك اتفاق مسبق بين اطراف الوساطة الخارجية والمجرم حميدتي على إزاحة البرهان وتمكينه من الحكم في المدى البعيد ، والفريق البرهان يدرك ذلك ولكنه يناور مع هذا التحالف الخارجي ويسعى إلى تحييده واقناعه بان استمرار مصالحه في السودان مرتبطة بتصفية المليشيا المجرمة من جذورها، ولكن في اعتقادي ان قيادة الجيش ربما تضطر للذهاب إلى التسوية في حالة ترجيح كفة المليشيا في الميدان وذلك للحفاظ على الدولة من سيناريو الانهيار الشامل .
(٥)
ان قابلية اي قيادة للوقوع في فخاخ الاجندة الخارجية الخبيثة لن يتأتى الا في حالة ضعف المجتمعات فما هو دور المجتمع السوداني لمنع ابرام تسوية تعيد إنتاج المليشيا في المشهد السوداني؟؟ خيار واحد هو الانخراط الشامل للقتال كتفا بكتف مع الجيش السوداني ومن فاته شرف القتال في الميدان فلا يفوته شرف الجهاد بالمال
هذه المعركة المصيرية يجب أن يقودها كل المجتمع السوداني بل ويضع شروط تفاوضها وهي اما الاستسلام الشامل او التدمير الشامل للمليشيا
ان تلاحم كل قطاعات المجتمع السوداني مع الجيش في معركة الكرامة حتى تحرير اخر ذرة تراب سوداني هو العاصم من الأجندة الخارجية الخبيثة، وهو من سيمنح الشرعية الاخلاقية والدستورية لمن يحكم السودان عقب معركة التحرير.
لذلك فان قيادة الفريق البرهان للشعب والجيش حتى دحر المليشيا هو الخيار الوحيد لتحقيق طموحه في الحكم عبر الرافعة الديمقراطية والخيار الوحيد لاضافة اسمه في قائمة الشرف الوطني في حال ترجله .
السبت. ٢٠٢٤/٧/٢٧