الرئيسية / الاعمدة / بدر الدين العتَّاق يكتب: السومانية في سطور

بدر الدين العتَّاق يكتب: السومانية في سطور

بدر الدين العتَّاق يكتب:
السومانية في سطور
مدخل تاريخي :
المؤرخون؛ ومنهم الأستاذ الدكتور / جعفر ميرغني؛ الأستاذ الجامعي ومدير معهد الأنثروبولوجيا بالسودان؛ يتناولون العلاقة التاريخية بين دول حوض البحر الأحمر باعتبارها رقعة جغرافية ذات نشاط متحرك منذ خمسة آلاف سنة قبل الميلاد / راجع حلقاته باليوتيوب عن ذات الموضوع / ، ويرجع الدكتور ميرغني وصحة ما قاله لهيرودوت ( كان مؤرخاً يونانياً آسيويَّاً عاش في القرن الخامس قبل الميلاد حوالي 484 ق.م – 425 ق. م .) الذي أرَّخ لتلك المنطقة منذ ذلكم الحين؛ وأنَّ بلاد السودان الحالية ما هي إلَّا جزء صغير من سعة الرقعة الجغرافية الممتدة من غرب أفريقيا بالمحيط الأطلنطي إلى تخوم بلاد الهند والصين إذ كل تلك المنطقة كان يطلق عليها اسم السودان؛ ثم بلادنا باسم السودان الغربي وكذلك إثيوبيا الحالية التي أطلق عليها اسم إثيوبيا – أي ذوي السحنة السوداء – والبلاد الحارة وارتيريا وكل دول حوض بحر القُلْزُمْ قاطبة ؛ اليونانيون؛ ثم يدخل حاق تلك التسمية بلاد اليمن بطبيعة الحال؛ ومن أهم أسباب الأنصهار البشري الآفروعربي أو الآفرويمني في كل أصقاع المعمورة المشار إليها آنفاً هي التجارة والرعي والمصاهرة والزيارات التبادلية وما إلى ذلك.
لكن؛ في كتاب الأستاذ الدكتور / نزار غانم؛ وهو أستاذ جامعي بالجامعات والمعاهد السودانية والباحث في الموسيقا الآفروعربية؛ الموسوم بــــــ ” جسر الوجدان بين اليمن والسودان ” طبعة سنة ١٩٩٤؛ ذكر في الفصول الأولى أسباب التدفقات البشرية بين شعوب دول حوض البحر الأحمر بذات الطريقة التي ذكرتها آنفاً قال :
[ علاقة ما قبل الإسلام :
يرجع تدافع العرب عبر البحر الأحمر أو بحر القُلْزُمْ كما عرفه في الماضي إلى ما قبل الموسوية ، حيث كانت السواحل المواجهة لليمن بشرق أفريقيا تعيش بيئة عربية ما بين القرنين العاشر والسابع قبل الميلاد ، ومنذ القرن الثاني قبل الميلاد نشط الطريق البحري للتجارة بين اليمن وحضرموت وشرق أفريقيا عبر القوارب الخشبية الصغيرة ، وتتحدث بعض الكتابات الإغريقية عن أثر الجفاف في الحالة الاقتصادية والاجتماعية التي سادت المنطقة مثلما حدث في حضرموت ، وقد كان الطريق البحري الجنوبي تحت سيادة العرب حتى القرن الأول للميلاد، وكان العرب يعملون كموردين لمحاصيل هذه المناطق ، وقد تكثَّفت الهجرات اليمينة إلى شرق أفريقيا ما بين القرن السادس والقرن الثالث عشر بعد الميلاد ، وتدفقت السامية من اليمن أكثر منها من الحجاز نتيجة لوفرة السكَّان وصغر حجم الفاصل البحري وبراعة اليمنيين في الملاحة وسهولتها ] ص 15 – 60 ( تعليقي هنا حول ثلاثة عشر ورقة فقط ) .
قلت : وهي أسباب في سوادها الأعظم طبيعية ومقبولة؛ ويبقى السؤال : كيف استطاعت تلك الشعوب العبور من بلاد اليمن في أقصى جنوب قارة آسيا إلى أدنى بلاد أفريقيا وبينهما البحر الأحمر وبالتحديد مضيق باب المندب علماً بأنَّ العرب في عمومها لا تعرف البحر ولا الماء؟ أشير هنا إلى مقولة عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص حين سأله عن البحر وأراد التوسع في بلاد افريقيا فقال له : ( يا أمير المؤمنين؛ لو رأيته لهبته ) فقال وقد هاب قول بن العاص : ( والله لا أحمل المسلمين إلى هلكتهم ) إذ لا معرفة لهم في البحر ولا ثناياه.
أعود لمبدأ معروف أو لافتراضية مقبولة وهي : صناعة السفن الشراعية؛ هل كان متعارف عليها من قبيلهم ولأي مدى كانت صناعة السفن الشراعية تقبل قطع باب المندب بمفهوم التجارة والرعي وسبل كسب العيش [ وصغر حجم الفاصل البحري وبراعة اليمنيين في الملاحة وسهولتها ] ؟ المرجع السابق .
دعنا من الجانب السالب في هذه الفرضية؛ ولنقل بالجانب الإيجابي : نعم كانت معروفة بكثرة ويتكسبون بها من صيد الأسماك وطعام البحر – وأنا هنا أتكلم عما قبل الميلاد بخمسة آلاف سنة – وما فاض لديهم باعوه وتكسبوا منه؛ لكن ينبغي الإشارة إلى أي مدى كانت الكثافة السكانية وإلى أي مدى كان ضيق العيش / هنا يشير الكاتب غانم إلى المناخ وتقلباته بصورة عامة / الذي يلجئهم للبحث عن سبل أخرى يقتاتون منها ؟ إلى جانب كثير من التساؤلات والفرضيات منها ما له إجابة ومنها ما ليس له رد .
لنأخذ الجانب المشرق الموضوعي من النص ونقول : كانت نسبة عالية من الشعب اليمني يهاجر إلى بلاد السودان الغربي [ وتدفقت السامية من اليمن أكثر منها من الحجاز نتيجة لوفرة السكَّان ] وأوَّل ما يقع عليه هي بلاد إثيوبيا وليس بلاد السودان الحالي ولا القديم لأنَّ المساحة شاسعة للغاية من نقطة ميناء أفريقيا وصولاً لبلاد السومانية اليوم أو الأمس ، وبطبيعة الحال نفهم تقاطع مملكة اكسوم الحبشية وطبيعة العلاقة بين الحبشة واليمن؛ ومن ثَمَّ العلاقة بين بلاد السودان الحالي وبلاد اليمن قديمه وحديثه؛ وهذه الهجرات أدَّت إلى الاستيطان واللجوء لسبب الظروف التي هاجروا من أجلها ووجدوا في بلاد غربيِّ بحر القُلْزُمْ ملاذاً ومتكئاً بحيث استقروا وتناسلوا وتكاثروا حتى انمحت الفوارق البيولوجية وتبدَّلت غيرها فيما يسمى بـتطور الجينات الوراثية أو ما أشبه؛ حتى بلغ ذلكم الزواج ومحو الفوارق الجينية إلى المصاهرة بشعوب أعالي البحر الأحمر من شعوب وقبائل بلاد البجا والهدندوة والزبيدية والبنى عامر وما إلى ذلك – وهذا بعيد تاريخياً وعملياً في القرون السابقة المشار إليها – ؛ كما تداخل العنصر الأفريقي أيضاً في تلك الجينات والفترات لأسباب أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وهلم جرا؛ بحيث تبلورت تلكم السحنات الآفروعربية والآفرويمنية إلى لُحمة بشرية جديدة تحمل من الصفتين الوراثيتين في العادات والتقاليد والأعراف ما تحمل حتى لحظة كتابة هذه السطور .
لا أغالي إن قلت بأنَّ تلك الهجرات البشرية حول دول حوض البحر الأحمر وبالتحديد بلاد اليمن إلى بلاد السودان أخذت ردحاً طويلاً ووئيداً للغاية حتى وصولها لدرجة كتابة فصول الكتاب المشار إليه عاليه من آصل التلاحم والتلاقح والتزاوج والتصاهر ولغيرها من أسباب؛ بمعنى أنَّ الطفرة من التدفقات البشرية والطبيعية سابقاً كما وردت في الكتاب لم تكن بتلك الصورة الهينة السريعة إذا ما قرأت بتمعن وروية تاريخية الهجرات حول دول بحر القُلْزُمْ ومرجعيتي في ذلك ذات المراجع والمصادر التي أثبتها الأستاذ الدكتور غانم؛ لأنَّ بقية الفصول تندرج تحت العصور القريبة بحكم تطور العلم وتطور الفكر وصناعة الآلة التي تقطع بحر القُلْزُمْ من جنوبيه عبر باب المندب ثم اختلاف أسباب الهجرات نفسها إلى بلاد السودان السياسي الحالي من وإلى ؛ إذ لا يقل فظاعة مناخ بلاد السودان الغربي من فظاعة مناخ بلاد اليمن الشرقي فتنتفي نسبياً عندي فكرة أن يكون المناخ أحد أسباب الهجرات والنزوح إلى بلادنا ولا يمنع ذلك قطعاً بل يضع حداً للتفكير ههنا والله أعلم .
استطراد
دعني أسوق لك مثالاً حيَّاً ومباشراً : المسافة بين نقطتي ميناء باب المندب شرقاً إلى حدود بلاد السودان الجنوبية الغربية بعيدة للغاية [ طول ساحل البحر الأحمر حوالي ١٩٠٠ كيلو متر فما فوق ومضيق باب المندب حوالي ٣٠ كيلو متر ] إذا ما قورن قطعها بالمراكب العادية ثم ساحل البحر الأحمر من الناحية الغربية طويل للغاية إذا ما تسببت الهجرات بالمصاهرة والمتاجرة وما نحا نحوها حتى يكون التزاوج بين قبائل اليمن الوافدة إلى قبائل بلاد البجا المقيمة وما شابهها من قبائل إذ يجعل الأمر أشد صعوبة في وقت تنعدم فيه أو تشح للغاية فكرة السفر والهجرة إلى أقصى نقطة من حدود ساحل البحر الأحمر الغربي ليتم الإستقرار والتعايش وهكذا.
أقول : لا يمنع ذلك حدوثه لكن يمنع قفزته التاريخية كما جاءت في الكتاب – هذا انطباعي الشخصي في هذه النقطة من الفصول التاريخية الأولى للكتاب – يمكن مراجعته حيث كان .
المثال الثاني : هجرة المسلمين الأولى في شهر رجب إلى بلاد الحبشة في القرن السابع الميلادي الموافق للسنة الخامسة من المبعث النبوي الشريف الموافق لـسنة ٦١٦ م؛ لم تكن – وفي ذلك نظر ومراجعة وتحقيق وضبط ومعالجة بلا شك – لبلاد السودان الحالي بل كانت لبلاد الحبشة السودانية بعموم اللفظة المطلقة على تلك المنطقة / السودان / إذ بُعد المسافة بين مكة المكرمة وبلاد السودان الحالي الغربية بعيدة للغاية وأنَّ المسافة بين مكَّة المكرَّمة إلى باب المندب أكثر من ألف كيلو متر وهدَّك ما جاء في كتب السير والأخبار من أنَّ المسلمين رجعوا بعد حوالي أقلَّ من أربعة أشهر من سماعهم أن قريشاً أسلمت ، أي في ذات السنة التي هاجروا فيها في شهر شوَّال ؛ عادوا من جديد؛ ثم كانت الهجرة الثانية إلى الحبشة في ذات الشهر وعادوا إلى المدينة في السنة السابعة من الإخراج النبوي الشريف الموافق لسنة 631 للميلاد بعد فتح خيبر وكانت مدَّة بقاءهم بالحبشة حوالي خمسة عشر سنة على رأسهم جعفر بن أبي طالب وجماعة من الصحابة / راجع كُتَّاب السير والأخبار والمغازي كابن هشام وابن كثير وابن الأثير وخلافه .
هذا ! ولو كانت بلادنا الحالية لما استطاعوا الرجوع إليها وقفولهم إلى الحبشة في ذات الفترة لما شاع من الخبر ورجوعهم إلى المدينة في السنة السابعة من الإخراج النبوي الشريف أي سنة فتح خيبر التي قال فيها النبي الكريم : ( والله لا أدري بأيِّهما أفرح؛ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر ) وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أحد الذين كانوا في الهجرة؛ فتأمل أصلحك الله .
النتيجة للمثال السابق والتي اختلف عليها كثير من المؤرخين وبالتحديد الأستاذ الدكتور / عبد الله الطيب؛ في بحثه المطَوَّل ” عجرة الحبشة وما وراءها من نبأ ” المنشورة بصحيفة ألوان السودانية بتاريخ : 31 / 10 / 1998 ثم صارت كتيباً فيما بعد وكذلك كتاب ” السودان أرض الهجرتين ” للأستاذ البروفيسور / حسن الفاتح قريب الله ، وخلافه .
مما سبق ، هل كانت هجرة المسلمين الأوائل لبلاد السودان الحالي أم لبلاد إثيوبيا الحالية ؟ وأقول وبالله الثقة : لم تكن هجرة المسلمين الأولى والثانية من مكة إلى الحبشة إلى بلاد السودان الحالي؛ بل كانت لبلاد الحبشة والتي يحكمها النجاشي / أصحمة بن أبْجُرْ؛ بالعربية يعني عطية / آنذاك ؛ لذات الأسباب الحقيقية المانعة والمنطقية لهجرتهم وقطعهم بحر القُلْزُمْ من باب المندب جنوبي اليمن إذ هي أقصر الطرق إلى بلاد إثيوبيا أو قل بلاد السودان الغربي بعامَّة .
أبعد من ذلك؛ من الاستحالة بمكان أن تكون هجرتهم وهجرة اليمنيين من قبل لبلادنا عبر ساحل البحر الأحمر من الناحية الشرقية وصولاً إلى بلاد البجا والهدندوة من أجل البحث عن مصادر العيش والأمن والاستقرار؛ لأنَّ المسافة أبعد بكثير جداً كما جاء في المصادر التاريخية التي يمكن الرجوع إليها؛ تجدها آخر هذه الكلمة؛ فمن غير المنطقي والمقبول أن تكون هجرة العرب في مكة واليمن من قبل إلى السودان بهذه البساطة والله أعلم.
أبعد من ذلك جداً ، لم يقطع المسلمون كل تلك المسافة من مكة إلى الحبشة بذات الوصف المتعارف عليه بل أشك جداً أن يكونوا قد استقروا عند نقطة بشاطئ البحر مدَّتهم الأقل من أربعة أشهر وهم في مأمن من ملاحقة قريش لهم حتى إذا ما سمعوا بإسلامهم قفلوا راجعين لمكَّة إذ أنَّ المسافة وأسباب التخفي والهجرة والملاحقة قد لا تتوفر للقرشيين بالملاحقة واكتفوا بمن هم معهم من المسلمين القلائل فينتفي التسبيب بالهجرة الطويلة والرحلة الشاقة من وإلى ، وليس ههنا موضع التفصيل فقط أردت التنبيه لما ورد في المصادر المختلف عليها بين أصحاب السير والباحثين والمؤرخين والله أعلم أي ذلك كان .
رجع الحديث حول بقية الفصول
إذا قرأت أنا بقية فصول الكتاب ” جسر الوجدان بين اليمن والسودان ” التي منحاها أدبي خالص؛ يستخلص فيها الكاتب نتاج الهجرات السابقة والانصهار المجتمعي التاريخي ليصل وأصل أنا معه إلى مبدأ ( السومانية في سطور ) فاتفق معه تماماً في تلك النتائج خصوصاً في القرن الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين والحادي والعشرين؛ بسبب التطور البشري الكمي والكيفي وتطور الآلة الناقلة في حد ذاتها للتلاقح الثقافي والوجداني والإنساني بين القطيع السوماني على أوجِه؛ إذ تغيرت المفاهيم الناشئة من أسباب ودواعي الهجرات القديمة التي أوردها هيرودوت وجعفر ميرغني وآخرون؛ بتغير تلك الظروف نفسها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأمنية وهلم جرا؛ فتكون مقبولة للغاية في السياق التاريخي التسلسلي ونتيجة طبيعية أبدية لفكرة السومانية التي أبدع في نحت مصطلحها الحداثوي الأستاذ الدكتور النابه / نزار عبده غانم؛ بكل جدارة وحقوق ملكية فكرية خاصة؛ حفظه الله ورعاه.
صفحة ٣٨٩ – ٣٩٢؛ ( أنقل إليكم من الذاكرة ما وسعتني) قال عند ذكره للقصائد السودانية في أهل اليمن وخاصتهم ما ذكره طيب الذكر المرحوم / فراج الطيب السراج؛ ( أن تغيير مواقفه الشعرية كانت تبعاً لتغير الأنظمة السياسية الحاكمة في اليمن فكل ما جاء حاكم قدم له فراج قصيدة شعرية ) وبالتحديد : [ أخذ عليه النُقَّاد تجاهله للمدارس الجديدة في الشعر العربي وأخذ عليه آخرون تكسبه بقصائد المدح التي يكتبها للزعماء ومنهم اليمنيين ، فقد تعوَّد في كل زيارة له لصنعاء أن يمدح الساسة فيها ويغني بأمجاد اليمن التاريخية وكأنهم صانعوها ، وله في ذلك قدوة في والده الذي من قبله كتب شعر المديح في الإمام يحي بن حميد الدين ” توفي 1948 ” كما سنرى في موضع آخر ] .
وهكذا انطبع في ذهني من أن حب الأستاذ فراج الطيب السراج وأباه من قبل لأهل اليمن لا يخلو من تكلف وصناعة؛ وهذا أبعد ما يكون عن الرجلين وخاصة فراج الطيب؛ ولقد سمعته سنة ١٩٩٦ ينشد قصيدة فائية شعرية طويلة في أهل اليمن وتحديداً الأستاذ مصطفى الشرفي – إن لم تخني الذاكرة – ولم تكن لها أي علاقة بالسياسة ولا الحاكمين لبلاد اليمن وهي مدح صرف في الرجل وحبذا الإنتباه لمثل تلك الهنة العفوية بلا شك.
خلاصة القراءة
أنا سعيد بقراءتي المتأخرة لهذا السِفر القيم بلا شك وأن أعلق عليه ما استطعت إلى ذلك سبيلاً بعد أن مكث في أضابير مكتبتي زمناً طويلاً وقد كتبت هذه الورقة من الذاكرة بعد قراءتي للكتاب قبل أكثر من عام ونصف ثم راجعتها بعد انتهائي منها من المصدر الأصل إذ ضاع مني للأسف الشديد لكن راجعتها من النت فوافقت الذاكرة ما هو أصل بالكتاب والحمد لله رب العالمين .
تشرَّفت بمعرفة الأستاذ النابه البروفيسور / تزار عبد غانم ، قبل سنتين تقريباً بمصر المحروسة ووجدته يحمل الكثير للسودان وأهله وخاصتهم من أساتذتنا جميعاً بجامعة الخرطوم وأشد ما أعجبني ولاءه الصادق الحق في محبة بلادنا ولرجالاتها وهو رجل يستحق التكريم من الدولة السودانية بلا مجاملة وأرجو أن ينتبه المسؤولون إليه قبل فوات الأوان ، قال تعالى : { وهل جزاء الإحسان إلَّا الإحسان } سورة الرحمن ، فهذا أقل من حقِّه بلا ريب ، وليسمح لي فضيلة الدكتور بتقديم قصيدتي إليه بعنوان ” جسر الوجدان ” وأنا سعيد إذا طوَّقني بقبولها وعلَّها أرجى مما في أيد الناس والله المستعان .
قصيدة : جسر الوجدان
القاهرة في 3 / 9 / 2024
شعر : بدر الدين العتَّاق
لِمَنْ طَلَلٌ سَفَّانَةٌ دارسٌ عَهْدُ * بين الرَقْمَتَيْنِ طالَ بها رَمْدُ
سيري سَفَّانَةُ حيثُ شِئْتِ كَمَا * نَاقٌ عشَوْزَنَةٌ عُذَافِرَةٌ لها كَوْدُ
أقِلِّي عَناقِي يا عِناقُ حضارِمَةً * ونيخي فالديار فالبُكاَ سُهْدُ
إلى نِزَارِ بن غانِمٍ طلائعها * ومِنْ مَعَدِّ بن عدنانٍ له قَصْدُ
عَدِّ عَنْ طَرَبٍ وبالِغْ في تَذَكُرِهِ * إنَّ نِزَارَ بها يعلو ويشدو
عَرَفْتَهُ والناسُ في عَرَصَاتِهَا * وما لِي عُذْرٌ ومُعْتَذَرٌ ولا نَجْدُ
وتلك الأرْيَحِيَّةُ ما لها شَبَهٌ * لديِهِ ولا ببالِغٍ عِنْدَهُ جُهْدُ
ينطيكَ نافِلَةَ القولِ شهيٌ * مَذَاقُهُ وتجلو منازلَه وتَعْدُو
ذكِيُ الحَدْسِ ما فَتِأَتْ تُعَرِّفُهُ * بناتُ الفِكْرِ في كلِمَاتِهِ بُعْدُ
لمَّاحُ العلومِ ما تستبينُ بها * بعضُ العلومِ تجلو وتبدو
رأيتُهُ يُقَرِّشُ في الدُجَى حرفاً * باقِرٌ للعلوم ِخِرِّيْتٌ وسَعْدُ
وآسٍ يجُسُ بالعلمِ جَهْلَاً * ويُهْدِيْكَ عافيةً بِهَا جَلْدُ
وكاتِبٌ وأدِيبٌ وعَبْقَرِيٌ كذا * ومُوسِيْقِيٌ بارِعٌ ما لَهٌ نِدُّ
يجلو عَوَارِضَ ذي ظَلَمٍ كأنَّها * صِدْقُ عَلَانيةٍ والسِرُ سَدُ
أيُّهَا البَدْرُ المُطِلُ على غَسَقٍ * حُيِيْتَ مِنْ نَطَّاسِيٌ له بَرَدُ
دَامَ ظِلُّكَ دائماً والوَرَى عَدَدٌ * ما لهم سِوَى حُبِّكَ العَدُّ
عَرَفْتُكَ والشيبُ شامِلٌ فَرْعِي * وعهدي بِكَ شامِلٌ وَرْدُ
طالَ عُمْرُكَ والزمانُ فانيةٌ * اعتِذَارٌ وجهْلٌ عَنْكَ والصَدُ
ذكرتُ قَولَ المجذوبِ قافيةً * بِهَا نِزارٌ وغانِمٌ وباقيِةٌ رِفْدُ
تبقَى بقاءُ الأخْشَبَيْنِ ما بِقِيَتْ * قافيةٌ تعْدوا عَداءً وتَعْدُو
فإنَّ المجذوبَ وابنَ غانِمٍ * آثارا فيَّ شجوناً ما لَها حَدُّ
فاقْبَلْ هدَاكَ المَلِيْكُ قافيةً * أنْشَدْتُها زَفَرَاتٍ مِنْكَ ورَوْدُ
يتناقَلُها رواةٌ ذوو ثِقَةٍ * وتحْفَظُهَا أجيالاً ما لهمْ عَدُّ
ورعَاكَ المَلِيْكُ أفْضَلَ غايَةٍ * وأنْطَاكَ العُلا حيثُمَا بَلْدُ
أيَا نَاقُ سِيْرِي عَنَقَاً طِمِرَّاً * لدارِ نِزَارِ بنِ غَانِمٍ دَعْدُ
واستَرِيْحِي مِنْ طِلَالٍ بِهَا * دَوَارِسَ عَلَّهَا تَسْقِي وجَوْدُ
فالغَمَامُ ابنُ غانِمٍ وسَوْمَنَةٌ * يَحُوكُها نَوْلٌ ويُبْقِيْهَا وخَوْدُ
أو أقِلِّ اشتياقاً أوْ لا تَجُودِيْ * فنِزَارٌ بَعْدَهُنَّ خَصْبٌ ونَدُّ
كَذَاكَ عَهْدُ النَوَى بحضرموتَ * نِزَارٌ تَذْرِفَاتٍ وبَيْنَنَا عَهْدُ
وإنْ أَمْحَلَ القَومُ الجَهَالَةَ والثَرَى * هَطَلْتَ غيثاً نافعاً ولا رَعْدُ
وزُرْتَ بلادَنا ونَهَلْتَ عِلْمَاً * واليمنُ السَعِيْدُ أَقَمْتَ ولا صَدُّ
فكِلَاهُمَا السومانِيَة لنا وطَنٌ * مَجْدُ العُروبَةِ فانعم بها وَجَدُّ
وخَلَّدْتَ نَفْسَكَ في صَحَائِفَ * مُشرِقاتٍ كأنَّ بياضَهُنَّ سَوْدُ
هُمُ السومانيةُ الصِحَاحُ مُتْفَقٌ * تلامِذَةٌ وأصدقاءٌ وإخوةٌ أوْدُ
وأحبابٌ ومعارفٌ كذا خضارمةٌ * وأبناءُ رحمٍ وأمشاجٍ وسُعْدُ
ومَا سَفَّانَةُ لنَا بذِي شَزَنٍ * زَمِيْلَةُ السَيْرِ صِنْوها يَحْدُو
ومَا غَدَاةُ البَيْنِ إذْ رَحَلَتْ * سَفَّانَةُ جَرَى دمعها يَخْدُ
نَاخَتْ بِذِي الطَلَلِ المَحِيْلِ * ولاقت من هاجِرِهَا شَدْوُو
القاهرة في 3 / 9 / 2024

عن Admin2

شاهد أيضاً

*د. الفاتح يس:* *تعقيب على تصريحات الأمين التنفيذي للأمم المتحدة*

*د. الفاتح يس:* *تعقيب على تصريحات الأمين التنفيذي للأمم المتحدة* الأمين التنفيذي لإتفاقية الأمم المتحدة …