*محجوب مدني محجوب يكتب:*
*إن أريد إلا الإصلاح*
*أزمتنا واحدة!*
أزمة السودان التي أفضت به إلى هذه النتيجة المزرية ليست بسبب أنه يواجه عدوا خارجيا.
ليست بسبب أننا تورطنا في صناعة مليشيا وسط جيشنا
ليست بسبب ضعف الجيش أو أنه يعاني من قيادة تقوده.
ليست بسبب فتن قبلية تأكل بعضها بعضا.
كل هذه الأزمات التي ذكرت ليست هي السبب في وصول السودان لهذا التشتت والنزوح وانعدام الأمن.
إذ أن هذه الأزمات جميعها وغيرها ما هي قاطورات تجرها أزمة واحدة هي بمثابة الرأس بالنسبة لهذه القاطورات.
هذه الأزمة تتلخص في مرض اسمه الحصول على السلطة.
الحصول على السلطة دون أي اعتبار لوطن او مواطن أو حتى دين.
الحصول على السلطة دون أي خطوط حمراء.
بل استخدام هذه الخطوط الحمراء نفسها من أجل الحصول على السلطة.
استخدام الفساد.
استخدام زعزعة الأمن.
استخدام القضاء.
استخدام نهم وطمع الخارج.
استخدام حتى سلامة ووحدة أراضيه.
أي وسيلة يمكن أن تخطر على البال، وبإمكانها تحقق الحصول على السلطة تمارس وبكل بجاحة وصلف.
والأزمة لا تقف عند هذا الحد فقط.
بل تتعمق أكثر في كون هذه الأزمة تلبثت كل من هو في المشهد اليوم.
تلبثت النظام البائد، فهو لا همه تصحيح، ولاهمه إعادة بناء، ولا همه وطن ولا مواطن.
ولا همه سوءات معارضيه.
فهذه السوءات يستغلها فقط لغرضه، وذلك بدليل أنه لو كانت هذه السوءات موجودة لدى منتسبيه لا يكترث لها ولا يلقي لها بالا.
همه فقط الحصول على هذه التفاحة التي لا يتخيل أنه يمكن أن بعيش بدونها.
أو توجد قوة على الأرض يمكن أن تثنيه في الحصول عليها.
وذات الأمر ينطبق على القوى المعارضة للنظام البائد لا همها شعارات ثورة، ولا همها تغيير نظام حكم،
ولا همها وحدة بلد أو استقراره.
ولا همها إقامة دستور يثبت أركان الدولة.
همها هم النظام البائد تماما وهو الحصول على السلطة.
ولكم أن تتخيلوا.
لا.
ولماذا تتخيلوا ؟
بل لكم أن تشاهدوا بأم أعينكم العبء الذي يحمله هذا الوطن في كونه يحمل قوى لا هم لها سوى الحصول على السلطة.
يستغل النظام البائد كل أخطاء ما بعد الثورة للوصول لهذه الغاية.
وكذلك وبذات القدر تستغل القوى المعارضة له كل سلبيات النظام البائد وعهد ما بعد الثورة لا لشيء إلا لأجل الحصول على السلطة.
ومما زاد الأمر تعقيدا وتأزيما هو أن هذا المرض العضال مرض الحصول على السلطة انتقل بكل أعراضه ومضاعفاته إلى قيادة الجيش.
فهي الأخرى وقفت جنبا إلى جنب تتعارك مع النظام البائد والقوى المعارضة له من أجل أن تحصل هي كذلك على هذه الحسناء الفاجرة التي تدعى السلطة إذ أن الكل افتتن بها.
هذه هي أزمتنا الوحيدة ولا أزمة لنا غيرها.
كل الأزمات الأخرى تابعة لها.
فمن يريد أن يحل هذا الوضع المزري الذي حل بالسودان أمنيا واقتصاديا بل صار يهدد وجوده هو أن يكون له مناعة ضد هذا المرض الذي تلبث كل من يتصدر المشهد الآن.
وبالتالي إذا آلت الأمور إلى النظام البائد، فسيظل السودان يعاني؛ لأن هذا النظام يتلبسه المرض من رأسه إلى أخمص قدميه.
وكذلك إذا آلت الأمور إلى القوى المعارضة للنظام البائد، فستظل الأزمة قائمة إذ أن التجربة أثبتت أن ذات المرض الذي يعاني منه النظام البائد تعاني منه كذلك هذه القوى، وتستخدم سقوط النظام وعلاته وتداعيات الثورة من أجل الحصول على السلطة.
ولم تكن قيادة الجيش وهي تجلس بين النظام البائد والقوى المعارضة لتسلم من هذا المرض العضال فقد انتقل إليها بكل تفاصيله.
فهل من مخلص لهذا الشعب المكلوم من هذا المرض العضال مرض الحصول على السلطة؟؟؟!!
فقد تفشى ولم يسلم منه أحد.
ولن يطيب السودان ويستقر حاله إلا بإزالة هذا المرض.
Check Also
*د.محمد الريح الشيباني يكتب:* *سطور من نور:* *هذا ليس من الكرم في شيء*
*د.محمد الريح الشيباني يكتب:* *سطور من نور:* *هذا ليس من الكرم في شيء* أغيثوا المنكوبين …