*بخاري بشير يكتب:*
*المجتمع الدولي.. تدخلات سافرة في الشأن السوداني*
موضوع الاستقواء بالأجنبي، والتفاني في تنفيذ أجندته، سلوك بات يتكرر ويتعاظم منذ سنوات، مستغلا ظروف السيولة السياسية والأمنية التي ضربت السودان ما بعد سنوات الثورة.. وما يؤسف له أن هذا السلوك المضاد لقيم الوطنية ظل يمارسه العديد من السودانيين، وأصبح سمة لغالب السياسيين وصفوة المجتمع، وظهر على أشده عند فئة عرفت في أعوام الثورة بحملة الجوازات الأجنبية.
والسودانيون ليسوا بحاجة إلى إثبات تدخل السفارات في الشأن السوداني ايامئذ حتى اعترف المجرم حميدتي وكان وقتها في قمة جهاز الدولة بقوله (أصبحت تسيرنا السفارات) .. وقول ذلك المتنطع (ح نلف السفارات دي سفارة سفارة).. بل أسوأ من ذلك أن رأس حكومة الثورة المدعو عبدالله حمدوك كتب خطابا معروفا طالب فيه المجتمع الدولي بإرسال بعثة أممية إلى السودان، جاءت بالمدعو فولكر وزمرته، وكانت نواة ووقود لحرب السودان الحالية عندما هيأت مسرحها وجهزت أدواتها وقواتها.
غياب كامل للروح الوطنية أو سيادة الدولة وثوابتها، وكأن السودان أصبح ملكا مشاعا للدول تفعل فيه ما تريده متى شاءت، وصرنا لا نندهش من تدويل قضايانا، أو أن تدخل أجهزة مخابرات أجنبية ومنظمات دولية انوفها الطويلة في شأننا الداخلي.
ما دعاني لهذه المقدمة الطويلة، هو أنني اريد التأكيد بأن ذات السلوك السابق لا زال عند البعض ساريا، ولم تغيرنا الحرب نحو الافضل، وتوجب علينا على الأقل كسودانيين أن نعي الدرس بعد كل الدمار والخراب الذي حدث في بلادنا بسبب الأطماع الدولية، التي لا يهمها الانسان بقدر ما تهمها ثروات وكنوز وموارد السودان، وهي الموارد التي أرادت دول عظمى أن تستأثر بها وتسعى جاهدة نحو ذلك بعدة سيناريوهات، ولن تكون الحرب الحالية هي آخر مظاهرها، فلا زال جراب المجتمع الدولي ملئ بالسموم الضارة.
صارت المنظمات الدولية في ظروف الحرب، وخاصة أذرع الأمم المتحدة، وتلك العاملة في مجالات الإغاثة هي التي حلت مكان السفارات، وتسعى لاختراق الاجسام السودانية، بل تسعى في بعض الأحيان لرسم خطط تلك الأجسام وبرامجها وتمدها بالتمويل والمساعدة.
جميعا نذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة أشاد بـ ٧٠٠ غرفة طوارئ وتجاهل عامدا العمل التطوعي الآخر الذي انطلق من مجهودات الدولة بمختلف أجهزتها، وتناسى كذلك مشروعات التكافل الاجتماعي المعروف بين السودانيين عامة، والذي ظهر بقوة في هذه الحرب .. وساعد هذا التكافل في الاستقرار الغذائي لآلاف الأسر السودانية التي فقدت مصادر دخلها بسبب الحرب أو التي حوصرت في مناطق متأثرة بالحرب.
أين ذهبت لجان المقاومة؟ ومن اين أتت غرف الطوارئ؟ وما العلاقة بين الاثنين؟.. خاصة عندما نعلم أن غرف الطوارئ تم ترشيحها بواسطة وزير التعاون الدولي النرويجي لجائزة نوبل للسلام.. وبالرغم أن هذا العام فازت بالجائزة منظمة يابانية لكن الترشيح لازال قائما للعام القادم.
بعض الجهات الدولية كما ذكرت تريد أن تدخل أنفها وأصابعها في الشأن السوداني، ليكون لها تأثير في الحياة السودانية، ومن هذه الجهات منظمات نرويجية قدمت دعما ضخما لبعض تكايا امدرمان الكبيرة والمعروفة دون أن يمر هذا الدعم عبر المفوضية السودانية، وفي ذلك مخالفة لأسس ونظم العمل التطوعي ويفتح الباب أمام الوصايا الدولية والأجندات، ونتمنى أن تجرم مثل هذه الأفعال من قبل الدولة لأنها مدعاة للتأثير على السيادة السودانية وثوابتها.