*بخاري بشير يكتب:*
*خارج الإطار:*
*محفظة السلع الاستراتيجية .. أدوار متقدمة في حرب الكرامة!!*
توقع كثيرون وانا واحد منهم أن هذه الحرب الطاحنة ستكون لها آثار كبيرة وكارثية على السودان ، على نسيجه الاجتماعي وعلى اقتصاده وعلى بنيته التحتية، لان المليشيا التي نفذتها هي مليشيا متوحشة منهجها يقوم على التدمير والخراب.
صحيح أن الحرب كانت ولا زالت حملا ثقيلا على أهل السودان، وصحيح أنها تسببت في نزوح ما يزيد على العشرين مليون من السكان، وصحيح أنها أوقفت المصانع والمزارع والمشروعات ودمرت البنية التحتية بنسبة غير مسبوقة.
إلا أن هذا لم يكن نهاية المطاف ولن يكون، سيعود السودان بأهله وبانسانه كما كان، بل افضل مما كان بسبب ما يميز هذا الشعب عن غيره من شعوب الارض، ولأنه شعب التف حول جيشه يسانده بالمال وبالسلاح وبالنفس، فأصبحت الحرب هي حرب كل السودان، بلا استثناء، أصبحت الحرب حرب الشمال والغرب والجنوب والشرق والوسط، واصبح شعارها (شعب واحد جيش واحد)، لذلك فإن إرادة الشعب السوداني لم ولن تنكسر، رغم انف المليشيا وداعميها.
الاقتصاد السوداني كان واحدا من الأشياء المحيرة في هذه الحرب، والسبب في ذلك يرجع إلى عبقرية اهل السودان، وعزم وإرادة المسؤولين، لأن الذي جرى من حرب تدميرية ممنهجة استخدمت فيها أسوأ أساليب الحروب، كان كافيا لانهيار السودان اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، وكانت هذه الرقعة المسماة بالسودان قد تنازعتها الانقسامات والتجزئة .. لكن بحمد الله أيا من هذه الاحتمالات أو السيناريوهات لم يتحقق.
صحيح أن الجنيه السوداني ترنح أمام العملات الاجنبية في حلبة هذه الحرب، لكنه ظل واقفا، يرد اللكمة باللكمة، والرمية بالركلة، يسقطونه حينا وينهض في أحايين كثيرة مسببا الصداع لخصومه واعدائه ويفرح قلوب الاصدقاء.. لم ينهار الجنيه كما أرادت له هذه الحرب، وبقى ضاحكا يمسح الجراح تارة ويعدل خطوته تارة أخرى.
قال لي بعض خبراء الاقتصاد وفقهائه أن الحرب السودانية كانت كفيلة بأن يصل الجنيه لمستويات غير مسبوقة من الانهيار، لكنه حافظ على قيمته في ظل تسونامي الحرب المدمرة، ولم يتعدى الـ ٢٣٠٠ بالنسبة للدولار، صحيح كاد السعر أن يبلغ ٣٠٠٠ آلاف، لكنه تراجع بفضل سياسات البنك المركزي الحكيمة، والذي ظل يعمل وفق أسس سليمة وبعقول جبارة، في ظروف استثنائية، حافظ معها البنك المركزي في أن يسد مقام وزارة المالية ويتصدى للكثير من الفواتير المرهقة.
واكد الكثيرون أن الحرب السودانية إذا جرت أحداثها في أي دولة كانت قد انهارت وأصبحت أثرا بعد عين.. لكن بحمد الله تصدى السودان للمؤامرة وظل واقفا يقاتل اعدائه بقوة وشراسة.
من ضمن الأعمال العظيمة لبنك السودان المركزي مبادرته الأخيرة بإنشاء محفظة مشتركة لتمويل استيراد السلع الاستراتيحية، والتي استجاب لها بنك الخرطوم أحد أكبر البنوك التجارية في السودان بحكم فروعه ورأسماله وأنشطته ، استجاب بنك الخرطوم وساهم على الفور بمبلغ ٧٥٠ مليون دولار، أكملها البنك المركزي إلى مليار دولار.
وكانت الأهداف الرئيسة للمحفظة أن يتحقق استقرار أسعار السلع الاستراتيجية وتتوفر للمواطنين، وهي سلع (النفط والدواء) ومن ثم تعزيز الشفافية في عمليات الإستيراد وخفض تكاليفه، وتنظيم الطلب على النقد الأجنبي لتحقيق استقرار في سعر صرف الجنيه في مقابل العملات الأجنبية.. وهو ما حدث تماما وفقا للخطة الموضوعة من عباقرة المصارف والاقتصاد.
هذه المحفظة تدار بآلية مبنية علي الشفافية المطلقة وبتنسيق كامل مع الوزارات والمؤسسات ذات الصلة، حيث تقوم وزارة الطاقة بطرح عطاءات لتوريد المحروقات ومخاطبة المحفظة لتكملة الاجراءات المصرفية لصالح الجهة التي يرسو عليها العطاء.. علما بأن المحروقات واستيرادها تحتل المركز الاول في التأثير على سعر الصرف، الأمر الذي يحتاج دوما إلى الضبط والربط، وهو ما فعله بنك السودان عن طريق هذه المحفظة.
أيضا المحفظة تعمل تحت إشراف مباشر من بنك السودان المركزي وتخضغ للمراجعة القانونية، مما يضمن الالتزام الكامل بمعايير الحوكمة والشفافية.
كما أن المحفظة مفتوحة أمام كل البنوك الراغبة في الإنضمام لها دون سيطرة من بنك السودان أو استخدام لنفوذ، وهذا يُبرز دورها الوطني في خدمة الاقتصاد والمواطن، وينأى ببنك السودان عن أي سيطرة أو احتكار في أعمال المحفظة.
لكن دائما عندنا في السودان، أن النجاح ممقوت، ودائما يسيطر على المشهد الفاشلون، لكن ما يحمد لهذه الحرب أنها أكسبت هذا الشعب الشجاعة، وملأت شرايينه بالوعي، سعى البعض نحو مصالحهم الخاصة وبدأوا في بث الشائعات بأن المحفظة مدعاة للاحتكار، وكل هذا بسبب خوفهم على اكتناز الأموال الحرام، لان بعضهم استغل ظروف الحرب لمزيد من التكسب، فصاروا تجار حرب بامتياز.
للمحفظة نظام أساسي يضع نصب عينيه جملة من الأهداف كلها تصب في مصلحة الاقتصاد السوداني، وتحميه من آثار الحرب المدمرة، واضعة نصب أعينها موارد البلاد وحقوق ومكتسبات المواطنين.. وتعمل على تنظيم استخدام الموارد النقدية للدولة والمحافظة عليها وتوجيهها وفق الأولويات دون مزايدة أو نقصان.. بالتأكيد أن صادر الذهب هو أحد تلك الموارد، لذلك قال أصحاب أصحاب المصالح ما قالوه عن المحفظة بأنها ستزيد من تهريب الءهب، وقبلها اتهموا جهات بعينها على احتكارها ونسوا أنها مفتوحة أمام الجميع وبابها لم يغلق، وقالوا إنها تسهم في تهريب الذهب، وهي فرية لا أساس لها من الصحة، إنما تقوم المحفظة بتوجيه الموارد النقدية وتحافظ عليها.
حتى أن تحديد أولويات الاستيراد تتم عبر آلية مكونة من الجهات ذات الصلة، لمعرفة حجم الاستيراد والحاجة اليه لمي لا يكون استيراد بلا ضابط يبدد موارد الدولة، وينعكس سلبا على سعر الصرف.
ما قام به بنك السودان المركزي ممثلا في قيادته ورمزه السيد المحافظ برعي الصديق، تعجز أن تقوم به كبريات الدول.. فهو خاض حربا اقتصادية شرسة لا تقل عن حرب الميدان العسكري ، لذلك يستحق أن يقال له شكرا على هذا الجهد.. وذات الرسالة نبعثها لبنك الخرطوم الذي تقدم الصفوف وجعل أمر هذه المحفظة واقعا يمشي بين الناس. نقول شكرا لكم جميعا وانتم تحافظون على موارد السودان، وتقومون بسد ثغرة الاقتصاد وتثبيت أركانه.
الرئيسية / الاعمدة / *بخاري بشير يكتب:* *خارج الإطار:* *محفظة السلع الاستراتيجية .. أدوار متقدمة في حرب الكرامة!!*
شاهد أيضاً
*ايوب صديق يكتب:* *هل سيعتذر السيد مني أركو مناوي للشعب السوداني،على مشاركته الاسلاميين في حكمهم *البلاد؟*
*ايوب صديق يكتب:* *هل سيعتذر السيد مني أركو مناوي للشعب السوداني،على مشاركته الاسلاميين في حكمهم *البلاد؟* …