بابكر عيسى أحمد يكتب: المشترك بين السودان وفلسطين!
عاتبني عدد من الأصدقاء والصديقات أنني في الآونة الأخيرة أغفلت الحديث عن السودان و ما يجري على أرضه من مذابح وفظاعات يندي لها الجبين، وأعتقد صادقاً أن ما يحدث في السودان لا يختلف كثيراً عن ما يحدث في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة على يد القوات الصهيونية مع الفارق … الهدف المشترك هو التهجير وإحتلال الأراضي وتمزيق الأوطان وأن تتحول إلى كانتونات معزولة يسكنها المستوطنين في فلسطين وعرب الشتات في السودان.
الفارق كبير بين ما يحدث للشعبين الفلسطيني والسوداني، ففي الوقت الذي تقف فيه الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من العواصم الغربيه مع الإحتلال الصهيوني ويبارك جرائمه ضد الشعب الفلسطيني نجد الشعب السوداني لا بواكي عليه حيث يقف وحيداً في مواجهة فلول المرتزقة القادمين من غرب أفريقيا وحتى دول القارة السمراء ودول العالم العربي لم تنصر السودان في مواجهة هذه الهجمة البربريه الوحشية التي أفرغت المدن من أهلها وإحتللت بيوتهم ونهبت أملاكهم ومارست جرائم لا أخلاقيه في حقهم تمثلت في جرائم الإغتصاب والقتل على الهوية.
رغم ذلك يتقازم ما يحدث في غزة من جرائم اذهلت العالم مع معارك الكر والفر بين القوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع المتمرده على سلطة الدولة المركزية التي اجبرتها ضراوة المعارك إلى الإنتقال من الخرطوم العاصمة القومية إلى مدينة بورسودان التي تمثل ثغر السودان الذي لم يعد باسماً بسبب الأكتظاظ السكاني الكبير.
بعيداً عن الأحداث المتلاحقة ، ثمة محطات تستوجب التوقف عندها، فعواصم كثيرة وحتى في أمريكا خرجت مظاهرات مناصرة للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967 … وكم كان موقف شعوب كثيرة في أصقاع العالم جدير بالإحترام لنصرة الشعب الفلسطيني، فإن قضية الشعب السوداني إنزوت، ولم نرصد أي ردود فعل عربية سواء لنصرة فلسطين أو السودان في العالم العربي، وهو موقف يدعوا للخجل والرثاء.
محطة أخرى أرغب في التوقف عندها وتتمثل في الموقف الرائع والجسور لدولة قطر وقيادتها الرشيدة برعاية مفاوضات الإفراج عن الرهائن لدى حركة حماس في غزة والتي حققت فيها نجاحات مشهودة بفضل الدبلوماسية الناعمة، وفي ذات الوقت فتحها ذراعيها لأبناء السودان الهاربين من جحيم الحرب الهمجية الدائرة في أصقاع بلادهم … وظلت دولة قطر كالعهد بها الحضن الدافيء الذي يحتضن أبناء السودان على أرضه في وقت أغلقت دول عربية عديدة حدودها في وجه المهجرين السودانيين.
العلاقة بين قطر والسودان ليست جديدة وإنما هي علاقات متجذرة على امتداد السنوات كما كانت لقطر أياد بيضاء في حق الشعب السوداني خلال الأزمات الطبيعية والمنعطفات السياسية منذ حرب دارفور الدمية وحتى جهود تحقيق السلام في الأزمة الراهنة وسيظل أبناء الشعب السوداني يذكرون لدولة قطر هذا الموقف النبيل والأخلاقي والكريم وسيظل شخصاً في الوجدان.
الموقف في السودان يكتنفه الغموض وسط تضارب الأنباء عبر الوسائط الإجتماعية، وعجز النخب السودانية عن تسويق قضية الغزو الذي يتعرضون لها، وهذا على عكس القضية الفلسطينية التي تعتبر قضية العرب والمسلمين وأحرار العالم المركزية، تلك الضبابية جعلت حتى السودانيين في بلاد المهجر في حالة توهان وضياع بسبب تضارب الأخبار وغموضها وعدم رؤية ضوء في نهاية النفق المظلم الذي حشرت فيه البلاد.
من الطبيعي أن ينصب الإهتمام الإعلامي الإقليمي والدولي بما يحدث فوق الأراضي الفلسطينية حيث الأحداث تتسارع وتثبت المقاومة الفلسطينية بسالتها وجسارتها في كل موقف ومنعطف، حيث أفشلوا مؤامرة التهجير وتكرار ما حدث العام 1948، والتحية موصوله للدول العربية التي أعلنت منذ بداية الهجمة الصهيونية رفضها لتكرار محنة التهجير.
أعتقد صادقاً أن الدرس الذي قدمته المقاومة الوطنية الفلسطينية سيكون مفيداً ونافعاً لكل أحرار العالم وإرادة يجب أن يتشربها أطفالنا وشبابنا في الحاضر والمستقبل، والتحية والتقدير والتجله لقناة الجزيرة التي قدمت خدمه إعلامية متميزة ونموذجاً أعلامياً رفيعاً عكس محنة أهلنا في فلسطين على مدار الساعة حيث فضحت كل أكاذيب العدو الصهيوني وفضحت مواقف العواصم الغربية الداعمة للعدوان، بنفس القدر الذي نقلت به معاناة الشعب الفلسطيني وانتفاضة الشعوب المحبة للسلام في شوارع الدنيا … والتقدير والإحترام لكل العاملين في قناة الجزيرة من مراسلين و مذيعين وفنيين وقد أصبحت الجزيرة بوابة للوعي والمعرفة.