السفير الصادق المقلي يكتب: جيبوتي… الدبلوماسية السودانية و سياسة رزق اليوم باليوم
لعل اكبر خطأ ارتكبته الدبلوماسية السودانية ممثلة في وفد السودان الي قمة الايقاد..أن ألوفد غادر الدولة المضيفة قبل الصياغة النهائية للبيان الذي صدر عن القمة…….بالرغم من أن هذه القمة غير العادية دعا لها البرهان نفسه إبان زيارته الأخيرة لجيبوتي للنظر في سبل حل للنزاع في السودان…….صدور بيان الخارجية الذي ابدي ملاحظاته حول البيان الختامي لهذه القمة عقب مغادرة ألوفد للدولة المضيفة…و هذا لعمري يتقاطع و الاعراف الدبلوماسية في منابر المحافل الدولية و الإقليمية….نعم للدولة الحق في إبداء اعتراضها أو تحفظها علي صيغة اي بيان صادر عن محفل دولي أو إقليمي ..لكن ليس بهذا السيناريو الذي لجأت اليه الخارجية السودانية..
.و لعلي في هذا المقام اتفق تماما مع السفير كمال اسماعيل الذي شغل منصب وزير الدولة بوزارة الخارجية في عهد الإنقاذ…حيث أشار صراحة في تعليقه حول بيان الخارجية (( أنه في مثل هذه الحالات يظل الوزير أو السفير. في الدولة المضيفة….حتي و لو غادر الرئيس بالطبع …مرابطا و متابعا لأداء السكرتارية حتي طباعة البيان و الاطلاع عليه و اخذ صورة منه ..قبل أن يغادر. )),نعم كان يجب علي الوزير أو السفير في الدولة المضيفة أن يتابع مع السكرتارية و التأكد أن مخرجات هذه القمة هي ما تم الاتفاق عليه في حضور ألوفد السوداني…و ليس إبداء التحفظات عليه بعد مغادرة ألوفد و عودته الي بلاده كما هو الحال في صدور هذا البيان من وزارة الخارجية..بل كان علي أسوأ الفروض…بدلا من أن تشر الوزارة غسيلها في الاسافير….أن تعالج الأمر بالقنوات الدبلوماسية المتعارف عليها…و حسنا فعل السفير كمال اسماعيل وزير الدولة عندما حكي تجربة ألوفد السوداني للقمة الأفريقية التي تناولت مسألة انسحاب الاتحاد الافريقي من الجنائية الدولية..و ما فعله الوفد وقتها كان عين الصواب ..حيث اطلع على مسودة البيان الختامي قبل عرضه علي الرؤساء و إجازته النهائية…
و في نفس هذا السياق جاءت تصريحات الاعيسر المنتقدة لأول مرة أداء السلطة الانقلاببة..
(( موقف وزارة الخارجية السودانية اليوم، بعد صدور البيان الختامي لقمة الايقاد في جيبوتي، بالغ الإحراج.
ويحتاج لوقفة من الوزارة لدراسة شكل الوفود المشاركة في مثل هذه القمم الإقليمية والدولية مستقبلاً.
ليس مبرراً أن تصدر وزارة الخارحية السودانية بياناً ينتقد ما كانت جزءاً منه قبل ساعات…ما تم فيه إحراج كبير لمؤسسة الرئاسة السودانية والوعود التي أقرتها خلال مشاركة الرئيس. )) و هذا ما يدل عن غياب التناغم في الخطاب الرسمي..
Tangible inconsistency..
أحد أعضاء الوفد الرئاسي برر عودتهم دون انتظار الصيغة النهائية قائلا …أن كانوا يعلمون ما حدث وراء ظهرهم ما كانوا ليعودون ..و لعل هذا هو العذر الاقبح من الذنب..
أعتقد ان ما أقدمت عليه الخارجية هو كوبي بيست لما فعلته عند عودة وفدها من قمة الايقاد السابقة ،،حديث اعترضت علي ما جاء من مخرجات خاصة رئاسة كينيا الآلية الرباعية…لكنها هذه المرة استجارت من الرمضاء بالنار ،،حيث طالبت باستبدال الرباعية ..فبدلا من أن تقلص من رقعة التدخل الأجنبي في الشأن السوداني ،عملت علي توسيعها بقبولها بآلية أخري ضمت تقريبا كل الفاعلين في المجتمع الدولي فانتقلت من رباعية الي عشرينية. !!!!! و لعل الجديد هو دخول روسيا ضمن هذه الآلية بعد أن كان موقفها ينحصر من علي البعد في تأييد المساعي الدولية و لحل النزاع في السودان…
و لا اعتقد ان بيان الخارجية سوف يكن له كبير الأثر في مخرجات القمة.. سيما و أن الوفد السوداني برئاسة البرهان و بحضور وزير الخارجية ، لم يبدي اعتراضه علي مضمون المداولات داخل قاعة الاجتماعات…كما تلاحظ وجه من أوجه القصور لدي الدولة أنها. علي ما اعتقد..لم ترسل وفدا فنيا يناط به التدقيق في تفاصيل البيان الختامي و التشاور مع العاصمة حول ما يرونه من ملاحظات حول مسودة البيان الختامي….الأمر الذي كان بإمكانه تفادي كل هذه الربكة التي احدثها بيان وزارة الخارجية.. مما ترك تساؤلا مشروعا…..هل ياترى بعد هذا البيان سوف تتعاون الدولة مع هذه الآلية الموسعة التي حلت محل الرباعية،، أم للدولة تصور اخر في ظل هذا الإجماع الدولي و الإقليمي في جيبوتي علي ضرورة وضع حد لهذه الحرب العبثية و ما ترتب عليها من كارثة إنسانية و اقتصادية و مجتمعية غير مسبوقة ؟؟؟؟؟؟ هذا ما ستجيب عليه الايام المقبلة…… اعتقد بضرورة خروج الدبلوماسية السودانية من عباءة رد الفعل الي الفعل. و سياسة رزق اليوم باليوم….و لا يجدي البكاء على اللبن المسكوب….it should be proactive..
الرئيسية / الاعمدة / السفير الصادق المقلي يكتب: جيبوتي… الدبلوماسية السودانية و سياسة رزق اليوم باليوم
شاهد أيضاً
*د.محمد الريح الشيباني يكتب:* *سطور من نور:* *هذا ليس من الكرم في شيء*
*د.محمد الريح الشيباني يكتب:* *سطور من نور:* *هذا ليس من الكرم في شيء* أغيثوا المنكوبين …