محجوب مدني محجوب يكتب:
إن أريد إلا الإصلاح:
هناك خطأ وهناك مسؤول عن الخطأ
القراءة للأخطاء ينبغي أن ينظر إليها نظرة شاملة، وذلك لا من أجل المحاسبة فقط، وإنما أيضا من أجل التصويب والتعديل.
فالطالب مثلا حينما يقف أمام حشد المدرسة مخاطبا الجمع بمناسبة عيد الاستقلال فيقرأ (يحتفل السودانيين اليوم بعيد الاستقلال…) فنصب كلمة (السودانيين) مخطئا إذ أن الصواب رفعها قائلا (السودانيون) فهو قد وقع في خطأ فاحش أفسد جمال وروعة المناسبة.
لكن بنظرة شاملة لهذا الخطأ نجد أن هذا الطالب لم يقع وحده في هذا الخطأ، وإنما وقع معه أيضا معلم مشغول عن متابعة ومراجعة هذا الطالب وبالتالي مع تنبيه الطالب بخطئه، فكذلك أيضا ينبغي أن ينبه من يقف خلف هذا الطالب؛ لأنه هو أيضا مسؤول عن هذا الخطأ.
زينب الصادق المهدي وقعت في خطأ فاحش حينما أرادت بصورة أو بأخرى أن تساند الدعم السريع على حساب كل هذا الشعب السوداني. هذا الشعب السوداني الذي ما من أسرة منه لم تتأذ من هذا الدعم السريع.
وبالرغم من فشاحة ما وقعت فيه زينب الصادق المهدي من خطأ إلا أنها ليست وحدها المسؤولة عن هذا الخطأ.
يقف خلف زينب الصادق المهدي مشهدا كاملا شاركها في ذات الخطأ باعتبار أن هذا المشهد هو من رسم هذا الاتجاه ولم يرسم تجاها غيره.
كيف؟
هناك طاقتان تحركان العمل السياسي.
طاقة تقول بأن البقاء للأصوب.
وطاقة تقول بأن البقاء للأقوى.
للأسف فإن الطاقة التي ظلت تحرك العمل السياسي في السودان هي الطاقة الثانية وليست الأولى.
فمن صعد المشهد السياسي كان يلتف بطاقة البقاء للأقوى.
وما استعانة البشير بقوات الدعم السريع على حساب الجيش السوداني إلا لإثبات هذه القاعدة.
وما غالبية حكم السودان بعد الاستقلال حكما عسكريا إلا لإثبات هذه القاعدة.
وما سيطرة الفريق البرهان على المشهد قبل وبعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر إلا لإثبات هذه القاعدة.
فالقاعدة التي تسير بها السياسة السودانية هي أن البقاء للأقوى.
هذه القاعدة كما أنها أفرزت نماذج رافضة لها كما حدث مع ثورات السودان المتعددة إلا أنها أيضا أفرزت نماذج أخرى تحتفي بها كما حدث مع موقف زينب الصادق المهدي.
والسيد مبارك الفاضل الذي قام بمهاجمة زينب الصادق المهدي بشتى أنواع الهجوم في موقفها هذا نسي أنه هو من لعب دورا أساسيا في تشكيل موقف زينب الصادق المهدي هذا.
فمبارك الفاضل حينما انشق من حزبه الأم؛ ليتحالف مع عمر البشير إبان حكم الإنقاذ ليس لأنه كان مقتنعا بحكومة عمر البشير بل لأنه كان مقتنعا بالقاعدة التي تقول أن البقاء للأقوى.
مارست زينب الصادق المهدي ذات القاعدة التي مارسها أستاذها في السياسة السيد مبارك الفاضل، وإن كانت ممارسة بشكل مختلف وبشكل مشين إلا أن مبارك الفاضل هو أحد المسؤولين عن موقف زينب الصادق هذا.
ليس وحده مبارك الفاضل المسؤول عن موقف زينب الصادق المهدي بل قطاع كبير من الطيف السياسي هو مسؤول عنه في كونها ساندت الدعم السريع رغم الفظائع التي ارتكبها .
فواضح أن من يتصدر الموقف السياسي في السودان يتبنى الطاقة التي تقول أن البقاء للأقوى، وما استيلاء الحركات المسلحة للمشهد السياسي إلا من هذا الباب.
بل إن كان ما يحرك المشهد السياسي البقاء للأصوب؛ لكان ينبغي أن تحاسب وتجرم هذه الحركات المسلحة التي هلكت الحرث والنسل، وشردت أبناء هذا الوطن، وكانت الذريعة التي دخلت بها الأطماع الخارجية للسودان، وكانت الذريعة التي جعلت القوات الدولية تتدخل في الشأن السوداني كل ذلك تم بسببها، فإذا بها تكافأ باستلام وزارات وثروات السودان.
ما المدخل الذي جعل مني أرقو مناوي بأن يكون حاكما لدارفور سوى أنه رفع السلاح في وجه أهله وإقليمه؟؟!.
ما المدخل الذي جعل جبريل إبراهيم بأن يكون وزيرا للمالية سوى أنه زعيم لحركة مسلحة، فسيادته لم يقدم أي برنامج أو مشروع اقتصادي جعله مسؤولا عن الملف المالي في السودان سوى بندقيته هذه. هذه البندقية التي كان لها القدح المعلى في إفشال وإحباط أي مشروع اقتصادي سواء في ولاية دارفور أو في غيرها من الولايات؟!.
ليست زينب الصادق المهدي المسؤولة الوحيدة في كونها ساندت الدعم السريع.
سياسة عمر البشير هي من دفعتها لاتخاذ هذا الموقف.
مبارك الفاضل هو أستاذها في كونها تبنت هذا الموقف.
الفريق البرهان هو من وجهها بسياسته في أن تتبنى هذا الموقف، وذلك بتقريبه لمالك عقار الذي ليس له أدنى مؤهل سوى كلاشه الذي رفعه في وجه هذا الشعب.
المشهد برمته لا ينبغي أن يجزأ.
لا ينبغي أن يلام فيه الطالب ويترك المعلم. هذا المعلم الذي رسخ الخطأ لدى الطالب بحيث جعله قدوة له سواء عن قصد منه أو عن غير قصد.
فالبشير والبرهان ومبارك الفاضل وبقية الطيف السياسي يمثلون ذات موقف زينب الصادق المهدي بل هم يقع عليهم الذنب الأكبر.
فإن كانت زينب الصادق المهدي التلميذة في هذا الموقف السياسي، فإن هؤلاء أساتذتها.
شاهد أيضاً
*د.محمد الريح الشيباني يكتب:* *سطور من نور:* *هذا ليس من الكرم في شيء*
*د.محمد الريح الشيباني يكتب:* *سطور من نور:* *هذا ليس من الكرم في شيء* أغيثوا المنكوبين …