*الدكتور الفاتح يس يكتب:* *أمطار شمال السودان والمناخ*
شهدت مدن شمال السودان أبو حمد ودنقلا وكريمة وحلفاء والدبة وغيرهم أمطار شديدة في الأيام الماضية لم تشهدها من قبل في تاريخها.؛ نسبة للفاصل المداري الذي يشهد مروره شمال كسلا مرورا بأبي حمد ثم جنوب دنقلا ثم شمال الأبيض الفاشر، والفاصل المداري هو خط تلاقي للرياح الشمالية الشرقية مع الجنوبية الشرقية وبيتسم بالحرارة المرتفعة والرطوبة العالية (بخار الماء) الذي يكون السحب الكثيفة تؤدي إلى هطول الأمطار.
ظاهرة تغير المناخ ظاهرة عالمية وليست حكرا على الولاية الشمالية، وتتركز أكثر في إرتفاع درجة حرارة الأرض على المدى الطويل؛ وأسبابه كتيرة لكن أهمها الانبعاثات الكربونية الناتجة من إستخدام وحرق الوقود الاحفوري (البنزين والجاز).
إرتفاع درجة الحرارة يتبعه زيادة معدل التبخر للماء السطحية ويتبعه حركة الرياح والتيارات الهوائية التي تتسبب في تكثيف بخار الماء وتكون السحب ثم هطول الأمطار في أماكن غير متوقعة أو غير مالوفة الهطول.
هنالك خلل بيئي كبير في النظام الحيوي والسلسلة الغذائية وأسبابه كثيرة ومعروفة للعلماء؛ لدرجة جعلت العالم في حيرة من امره، والعام الماضي حدثت أمطار كتيرة جدا في الإمارات؛ لم يشهدها تاريخهم، وأيضا جنوب وغرب الولايات المتحدة الأمريكية شهدت موجة حر في العام الماضي.
بالنسبة لشمال السودان أصابع الاتهام موجهة لسد مروى لتسببه في زيادة معدلات تبخر الماء؛ لكن الموضوع اكبر من ذلك، وتغير المناخ ظاهرة عالمية والسودان ليس بمعزل عن هذا العالم المختل مناخياً، وما أبري سد النهضة الإثيوبي من هذا التغير المناخي.
ظاهرة تغير المناخ قضية عالمية تؤرق مضاجع العالم بأكمله خاصة الدول التي تقع في خط الاستواء والسودان يقع شماله، لأن مناخها دافي، وهذا يحوجها لمزيد من الطاقة ويفقدها إنتاج المحاصيل الشتوية لقُصر فترة الشتاء أو إنعدامه كليا.
بالنسبة للسودان بعض العلماء يروا ان تغير المناخ مهما كان تأثيره لن يكون سلبياً.
صعوبة حل ظاهرة تغير المناخ؛ جعلت العالم ينظر ويركز على كيفية مجابهته والتخفيف من آثارة والتكيف؛ ولهذا تم إنشاء صندوق الخسائر والاضرار المناخية، هذا الأموال تدفعها الدول المتسببة في هذا التغير المناخي للدول الفقيرة المتضررة منه.
خلاصة القول أن التصدي لظاهرة تغير المناخ تحتاج إلى وضع الخطط الوقائية والعلاجية من تمويل وتنظيم وتكنولوجيا ومشاريع حصاد المياه.
على الولاية الشمالية أن تتهيأ لهذا التغير المناخي بمزيد من المشروعات الزراعية ومشروعات حصاد المياه وأن تعيد بناء مساكنها ومبانيها وقيام شبكات المجاري ومحطات المعالجة، ولابد لها أن تتحسب لمحصولاتها الشتوية خاصة القمح والفول المصري.
وعلى الحكومة أن تسعى دبلوماسيتها سعيا جادا بتقديم دراسات جدوى لمشروعات خضراء يتم دعمها وتمويلها من صناديق المناخ ومن الأموال التي رصدتها الأمم المتحدة متمثلة في منطقة الأمم المتحدة للبيئة لمجابهة هذا التغير المناخي.
د. الفاتح يس
أستاذ جامعي وباحث في قضايا البيئة والتنمية المستدامة
alfatihyassen@gmail.com