الرئيسية / الاعمدة / محجوب مدني محجوب يكتب: إن أريد إلا الإصلاح: شتان ما بين المدرسة السودانية ومدرسة العالم

محجوب مدني محجوب يكتب: إن أريد إلا الإصلاح: شتان ما بين المدرسة السودانية ومدرسة العالم

محجوب مدني محجوب يكتب:
إن أريد إلا الإصلاح:
شتان ما بين المدرسة السودانية ومدرسة العالم
يصر السودان على أن يفرض مدرسته السياسية على كل مدرسة العالم.
ويا ليته يثبت على ذلك، ولكنه للأسف يعود ويقدم تنازلاته بعد أن يفقد كل شيء.
كما يقدم إزاء تمسكه بهذه المدرسة كل ما يملك من موارد وثروات وبالمجان.
المدرسة السودانية تقوم على فرضية الصواب والخطأ.
بينما كل مدارس العالم تقوم على فرضية المصالح.
فالنتيجة خسارة المدرسة السودانية على جميع الأصعدة بينما تكون حصيلة جميع المدارس الأخرى المكاسب والأرباح.
المدرسة السودانية ليست مرتبطة بحقبة دون حقبة أو نظام دون نظام.
ومما يزيد من هذه الأزمة أن الصراع السياسي لا علاقة له بالصواب والخطأ، وإنما تقوم كل آلياته وتقاطعاته على المصالح.
فهناك أكثر من مثال
يثبت انتماء السودان لمدرسة الصواب والخطأ وبالكامل منها:
*  موقف السودان من العدو الإسرائيلي.
ظل هذا الموقف واحدا لم يتغير إطلاقا؛ لأنه موقف مبني على الصواب والخطأ حتى غزة نفسها تعترف بالعدو الإسرائيلي من خلال تعاملها معه كدولة متحكمة على فلسطين، فهي تدخل وتخرج وفقا لأنظمة هذه الدولة.
تفعل ذلك وهي ليست راضية لكنها تتعامل مع العدو الإسرائيلي مرغمة، وما اشتد بها العداء مع العدو الإسرائيلي إلا بعد أن دخل لها العدو في عقر دارها يريد ان يسلبها كل ممتلكاتها حينئذ ناصبته عداء بعداء وما زالت.
أما نحن السودانيون، فلم يكن لنا سوى موقف واحد مع هذا العدو رغم أننا لسنا جيرانا له، ولسنا تحكمنا معه روابط طبيعية، وبالرغم من ذلك ظللنا نناصبه  العداء ليس لأنه يستحق ذلك فقط بل لأننا لا نعمل سوى بقاعدة الصواب والخطأ.
* حرب الخليج التي نشبت بين العراق والكويت عام ٩٠ بالرغم من أننا لسنا بعلاقة قوية بحزب البعث العربي، ولا يمثل توجهاتنا إلا أننا وقفنا مع صدام ما لم يقفه أي طرف في العالم حيث نظر كل العالم لحرب الخليج من حيث أين تقف مصلحته إلا نحن نظرنا إليها من حيث الصواب والخطأ.
* الخطاب العام الذي نستخدمه لإمالة الرأي العام السوداني لأي قضية من القضايا
لا يمثل خطاب مصلحة إطلاقا ولا يقترب من ذلك بل يمثل في كل جوانبه خطاب صواب أو خطأ.
فنحن نعادي أمريكا، لأنها تكيل بمكيالين، وأنها ظالمة وباطشة وتشفط موارد الدول المستضعفة بينما كان يمكن أن بشمل خطاب العداء لأمريكا في كونها لا تحقق مصالحنا الاقتصادية والسياسية.
إطلاقا.
ما لنا إلا خطاب واحد وهو أن أمريكا دولة جائرة، والانتخابات الأمريكية ما نصدق أننا حصلنا فيها تجاوزا نقيم الدنيا ولا تقعدها مستثمرين هذا التجاوز للعداوة التي نضمرها لها.
لا ننظر للانتخابات من حيث أين تجلس مصالحنا.
بالرغم من أن توجهات حزبي الحكم الخارجية في أمريكا تكاد تكون متطابقة إلا أننا نفصل بين الحزبين من حيث الصواب والخطأ.
وحينما لم يصافح أوباما تلك الفتاة المسلمة جعلنا منها قضية.
* حرب عاصفة الحزم بين السعودية واليمن طرحنا مشاركتنا فيها من حيث الصواب والخطأ بل أقحمنا الأماكن المقدسة فيها بالرغم من أن الحرب الدائرة بين اليمن والسعودية لا علاقة لها بالأماكن المقدسة، وإنما فعلنا ذلك من فرط اهتمامنا بالصواب والخطأ.
* مساندة ودعم دولة الإمارات للدعم السريع لم ننظر إليه من حيث أن مصلحة الإمارات تتحقق مع الدعم السريع وبالتالي نعمل على تحييد هذه المصلحة لصالحنا.
لم نفعل ذلك، وإنما ظللنا نثبت عدم صحة وقوف الإمارات مع مليشيا الدعم السريع، والكل يعلم عدم صحة ذلك، ولكنه لا يسعى لوقف هذا السعي من حيث أنه صواب أو خطأ مثل ما نفعل نحن، وإنما يسعى لتغيير مصلحة الإمارات وصبها في تجاه آخر.
وما لم تر الإمارات أن مصلحتها سوف تتحقق في مكان آخر، فلن تغير موقفها من الدعم السريع.
لم تغير الإمارات موقفها لمجرد أن هذا الموقف صواب أو خطا، ونحن نصيح ليل نهار أن هذا الموقف خطأ.
* مؤتمر جنيف بسويسرا والذي سيعقد في غضون أيام لحل أزمة الحرب في السودان نعد أجندة لهذا المؤتمر، وننقاشها من حيث الصواب والخطأ لا نعدها من أجل تغليب مصلحة المعدين للمؤتمر نحونا حتى نشمل ودهم ووقوفهم في صفنا.
فهم ينظرون إلينا من خلال مصلحتهم ونحن ننظر إليهم من خلال الصواب والخطأ.
ونتجاهل أن كل هذه الضجة التي صاحبت هذا المؤتمر إنما تحركها المصلحة وليس الصواب أو الخطأ.
هذه هي تركيبة السوداني باختلاف توجهها تركيبة تتفاعل مع فرضية الصواب والخطأ، ولا تميل إطلاقا مع فرضية المصالح، وتسخر غاية السخرية من أصحاب الفرضية الثانية.
هذه التركيبة جعلت من الشعب السوداني مهنيا أكثر منه مستثمرا، فالأولى تحتفي بالضوابط وقوائم الصواب والخطأ والثانية تحتفي بتحري واستنطاق المصلحة.
إلا أن الأزمة لا تكمن في كوننا صرنا مهنيين أكثر منا مستثمرين، وإنما الأزمة هي في كوننا نخشى أن نفقد بهذه الصفة بلدنا إذ أن العالم بلغ ما بلغ في تطوير كيفية أن ينمي مصالحه بينما نحن لا زلنا نربط كل قضية من حيث صوابها وخطئها.

عن Admin2

شاهد أيضاً

*إبراهيم شقلاوي يكتب:* *وجه الحقيقة:* *مزاهر صالح: شهادة قانونية وأخلاقية تحرج “تقدم”*

*إبراهيم شقلاوي يكتب:* *وجه الحقيقة:* *مزاهر صالح: شهادة قانونية وأخلاقية تحرج “تقدم”* استضافت قناة الجزيرة …