محجوب مدني محجوب يكتب:
إن أريد إلا الإصلاح:
رسالة المرحوم الحوري
إن العمل الجاد والمخلص الذي جادت به حياة المرحوم محمود سر الختم الحوري بوزارة التربية والتعليم على قصر فترة توليه شؤون الوزارة نسأل الله أن بجعلها ذخرا في آخرته.
هذا العمل يكشف لنا أهمية المؤسسية في حياتنا العملية.
إذ أن الأهمية وهذه الحوجة للمؤسسية لا تظهر من خلال المسؤولين المفسدين أو أولئك الغير مؤهلين.
وإنما تظهر من خلال الفراغ الذي يحدثه هؤلاء المسؤولون الأكفاء من امثال الحوري.
من خلال فراغ المسؤولين المخلصين المتفانين في عملهم، وذلك بعد غيابهم.
رحل وزير التربية والتعليم محمود سر الختم الحوري بكل هدوء مخلفا سيرته المشرفة في العمل العام؛ ليحدث فراغا كبيرا للعمل في الوزارة.
ما إن يمسك مسؤول بعده بملفات الوزارة إلا وسيجد بصمة الحوري عليها من خلال متابعته ومراقبته وإنجازاته.
فعمل الوزير الحوري والذي تركه، وهذه سنة الحياة حيث يكشف لنا غيابه اليوم حوجتنا الماسة للمؤسسية.
إذ أن المؤسسية هي التي تدخل العمل الدؤوب للوزير الكفء عبر نظام شامل يدعم العملية التعليمية بكل جوانبها.
حتى إذا ما غاب هذا الوزير وفقا لطبيعة الحياة يكون قد خلف عملا مؤسسا يحتاج فقط لمن يحركه وينشطه عبر قنواته الرسمية.
وبذات القدر فإن هذه المؤسسية التي يدعمها أمثال الوزير المرحوم الحوري، فهي كذلك سوف تلفظ كل من يتهاون، وكل من بعمل على استغلال العمل العام.
العمل عبر وزير مخلص بلا مؤسسية سوف ينهار العمل مباشرة بعد غياب هذا الوزير، وينزل إلى لا شيء.
إن كل أزماتنا وتدهورنا في جميع مناحي الحياة لا بسبب افتقارنا لمسؤولين أكفاء فقط، بل كذلك بسبب غياب المؤسسية.
لأننا بغياب هذه المؤسسية سنفقد إنجازات ذاك المسؤول الكفء بعد رحيله.
وبالمقابل سيلحقنا فساد المسؤول الغير مؤهل حيث ينتشر ويثبت في كل دوائرنا الحكومية.
إن هذه البلوة ألا وهي فقداننا للمؤسسية لا تحل بنا فقط على مستوى الوزراء بل حتى على مستوى رئاسة الدولة.
فإذا التزمنا بالمؤسسية سوف نحافظ حتى على مهام الرئيس، وستظل هذه المهام قائمة سواء بوجوده او غيابه.
كما سنتجنب عبرها كل السلبيات.
فالرئيس البشير لم يكن طاغية حينما استلم الحكم.
لم يتفرد برأيه حينما استلم الحكم.
لم يكن يفكر في حاشيته وخاصته حينما استلم الحكم.
لم يكن ينوي لولاية عاشرة حينما استلم الحكم.
لم يكن ينوي بان يقرب حوله الفسدة والطفيليين ويبعد عنه الأكفاء والمخلصين.
لم يكن ينوي ذلك.
وإنما حدث كل ذلك واستفحلت كل هذه الأمراض، واستولت على حكمه بسبب فقط غياب المؤسسية.
أذ أن غياب المؤسسية يعمل على تفشي خطرين.
هذان الخطران هما اللذان يعملان على هد وتدمير كل أركان الدولة.
الخطر الأول: ضياع الأمانة.
الخطر الثاني: استقواء الفساد.
للأسف الوزراء الصالحون ونحسب أن الوزير محمود سر الختم الحوري منهم لا يثبتون القيم العامة التي ننشدها، وليس ذلك بسبب ضعف أو تقصير منهم، وإنما بسبب كونهم أفراد يذهبون ويموتون؛ لذلك لن يستطيعوا أن يخلدوا هذه القيم خلفهم.
لن تثبت هذه القيم إلا عبر المؤسسية.
رحل الوزير الحوري وترك خلفه فراغا يحتاج سده لوزير بذات مواصفات الحوري لا ليكمل عمله بل ليبدأ من الصفر.
فأي ملف بعده سيكون مغلقا إلى أن يأتي من هو بعده؛ ليفتحه وليباشر العمل من البداية.
حتى وإن توفر بعده وزير آخر مخلص، فلن يستطيع أن يبني على فعل من كان قبله، وذلك بسبب غياب المؤسسية.
إن الاحتفاء الحقيقي بوزراء مخلصين وأكفاء يتم احتواؤهم عبر نظام مؤسس حتى إذا ما رحلوا وفقا لسنة الله لا نفقد أعمالهم وإنجازاتهم التي حققوها في أي مرفق من مرافق الدولة.
لن نستثمر إنجازات المخلصين، ولن نتحاشى عمل المفسدين إلا عبر المؤسسية.
شاهد أيضاً
*د.محمد الريح الشيباني يكتب:* *سطور من نور:* *هذا ليس من الكرم في شيء*
*د.محمد الريح الشيباني يكتب:* *سطور من نور:* *هذا ليس من الكرم في شيء* أغيثوا المنكوبين …