*محجوب مدني محجوب يكتب:*
*إن أريد إلا الإصلاح:*
*عقدة المنشار*
جاءت كلمة عقدة المنشار هنا؛ لتوضح العلاقة بين أزمتنا وبين عقدة المنشار، وذلك لكونهما يشتركان معا في صعوبة التخلص منهما.
ولتوضح هذه العلاقة بين عقد المتشار وازمتنا في كون أزمتنا لا تتصف بعقبة بسيطة يسهل حلها، فهي عقدة ملبكة مع بعضها البعض على جميع الملفات مثل عقدة المنشار التي يصعب على المنشار تجاوزها.
فإن كان المنشار يقف حائرا في حل عقدته، فكذلك ما تصيبنا اليوم من حيرة في كوننا عجزنا، ونفدت حيلنا في التخلص من الأزمة التي ألمت بنا.
فكما أن عقدة المنشار لا يعرف لها تجاه.
فعقدتنا كذلك لا يعرف لها تجاه نتجاوزها به.
كلما أتيناها من تجاه يتعذر علينا تجاوزها.
الأمر الذي جعلنا ما زلنا واقفين عندها مندهشين ومستجيبين لما يحل علينا بسببها من ضياع بالكامل.
ضياع لا يخفى على أحد.
أتدرون ما هذه العقدة التي تؤزم حال المشهد السوداني اليوم؟
دعونا نتتبعها حتى تكشف عن نفسها.
هي قطعا ليست الشعب السوداني إذ أن هذا الشعب رفض نظاما، ومن حقه أن يرفض، واستطاع عبر ثورته أن يطبق هذا الرفض صورة وصوت.
ثم جاءت الحرب والتي لم يكن له فيها يد.
فهو لم يشعلها، وليس لديه القوة والسلاح ليخمدها.
ماذا فعل؟
ظل يفر منها كلما أقبلت عليه.
كذلك عقدة المنشار لم تكن الدعم السريع؛ لأن هذا الدعم السريع عبارة عن آفة..
وبالتالي لا يرتاح الناس من هذه الآفة إلا بالقضاء عليها.
بالضبط مثل الآفة التي تصيب المحصول.
لا أحد يقول بأن يترك المحصول للآفة.
ولا أحد يقول بأن تترك الزراعة لوجود الآفة.
فأي مزارع وأي مالك للمحصول لا يفكر إلا في حل واحد إزاء هذه الآفة ألا وهو إيجاد مبيد؛ ليقضي عليها.
ولو كلف هذا المبيد تسعة أعشار المحصول.
الكل سيقبل عليه، ولا يوجد حل غيره.
عقدة المنشار كذلك لم تكن (تقدم) الممثلة للقوى السياسية السودانية، وذلك باعتبار أن هذه القوى ليست لها سلاح تحارب به.
كل ما يمكن أن تقوم به تقدم هو اتخاذ موقف معين سواء موقف مع الدعم السريع أو موقف ضد الجيش، وكلا الموقفين لا يغتصبان ولا يقتلان ولا ينهبان ولا يشردان كما أنهما لا يحرران.
والدليل أنهم الآن ينزحون مثل غيرهم من النازحين.
عقدة المنشار كذلك ليست الجيش، فهو حسب مهنيته ليس له حل سوى خيارين.
يختار أحدهما دون تردد إما حسم هذه الحرب إن استطاع أو الانسحاب ، فهو ليس في حساباته إطلاقا أن يجلس متفرجا.
إذن ما هذه العقدة؟
أين هذه العقدة التي أوقفت حال البلد فقسمتها بين منطقتين:
منطقة حرب ومنطقة نزوح؟
فلا منطقة الحرب استطاعت أن تجعل منطقتها مستقرة وآمنة، ولا منطقة النزوح استطاعت أن تستقر.
وبين هاتين المنطقتين تهدر كل مقدرات وطاقات البلد
إذن ما هذه العقدة؟
عقدة لم تستطع كل حيل المنشار أن تتجاوزها.
عقدة إن أراد المنشار أن يتجازها عبر الحرب عجز عن ذلك بسبب سيطرتها على ملف الحرب من جهة، وبسبب إمكانياتها المحدودة من جهة أخرى.
إذ أنها تريد أن تنهي الحرب وفقا لحساباتها فقط.
فإلى الآن لا أنهت الحرب لصالحها، ولا تريد أن توقفها.
وذات العقبة تقف في حال اختيار السلم، فهي تريد كذلك سلما باللون الذي تختاره هي لا سلما بذاك اللون الذي يقلل من خسائر الجيش أو ذلك اللون الذي يخفف من تشريد المواطن.
او ذاك اللون الذي يبعد خيار تقسيم السودان.
كل هذه الألوان لا اعتبار لها عند هذه العقدة.
فهي لم تتحكم في الجيش من أجل تلك الألوان.
تحكمت في الجيش من أجل لونها هي فقط ولو جاء هذا اللون على حساب كل الألوان.
ذلك اللون الذي يعيد لها سلطتها ومجدها.
فهي إذن تشعل الحرب أو تركن للسلم وفقا لحساباتها.
ماذا بقي لهذه العقدة؟
الشعب؟
هذا هو الكرت الذي تلعب به العقدة في جميع الحالات.
فإن أرادت هذه العقدة الحرب قالت لهذا الشعب مت من أجل كرامتك.
وإن أرادت له السلم قالت له في السلم خير.
وإن لم ترد له لا حربا ولا سلما سفهته وتجاهلته، فهي تعلم أنه لا حول له ولا قوة.
هذه العقدة التي تعطل عمل الجيش سواء حربا أو سلما.
هذه العقدة التي تريد الشعب أن يظل هكذا يدور حول نفسه إلى أن يجلس على قالبها ولا قالب له سواها.
هذه العقدة هي التي تريد أن تحرق وحدها مليشيا الدعم السريع.
فهي ترى إن تم حرق هذه المليشيا من قبل مؤسسة الجيش أو عملت هذه المؤسسة على مسالمتها، ففي كلا الحالتين لن تستفيد، ولن يتحقق مرادها.
وإن المليشيا حرقت الجيش لم يعد لها أيضا وجود.
عقدة واحدة تتحكم في كل المشهد.
لا حل معها إلا بأحد خيارين:
إما:
إيجاد منشار متطور يتغلب على كل ألاعيبها.
إذ أن التجربة أظهرت أن هذا المنشار حتى هذه اللحظة لا وجود له.
أو:
تفلح هذه العقدة في تغليب أحد ألاعيبها لصالحها.
وذلك إما بتخريب الجيش بحيث تجعله ينتصر لحسابها.
أو تجعله ينهزم ويكتفي ببقعة صغيرة يتقوقع فيها من أرض هذا الوطن الشاسع.
أو تعمل هذه العقدة على ذوبان هذا الجيش بالمرة وعن آخره، وذلك بأن تجعله هكذا لا يحارب ولا يفاوض.
وطبعا الشعب منتظر في كل حالة.
إما أن يظل نازحا.
أو يعود إلى دياره.
فلله المشتكى ولله المآب.
وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا به.
شاهد أيضاً
*صبري محمد علي يكتب:* *مُسجِّل عام الأراضي شُكراً (مولّانا)*
*صبري محمد علي يكتب:* *مُسجِّل عام الأراضي شُكراً (مولّانا)* هُناك منشُور صدر يوم أمس الأول …