*بخاري بشير يكتب:* *خارج الاطار:*
*اتفاقيات الصين .. مؤشرات ودلالات حرب السودان !!*
زيارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى الصين مطلع سبتمبر الجاري ، وقيادته لوفد رفيع من السودان مشاركا في منتدى بكين الاقتصادي الافريقي (فوكاك)، والمخصص للدول الأفريقية بخصوص مبادرة الحزام والطريق .. هذه الزيارة وضعت علاقات السودان الخارجية وبخاصة مع الشرق الأقصى/ الصين في منصة الانطلاق، سيما وأن الزيارة تأتي في ظل حرب مستعرة يقودها السودان ضد مليشيات الدعم السريع المدعومة من حلف إقليمي قوي لا تعوزه الأموال والقدرات.
الزيارة كسرت طوق العزلة الذي ضرب العلاقات بين السودان والصين منذ أن تراجعت لآخر مدى لها إبان حكم (قوى الحرية والتغيير) الذي جاء بعد إزاحة نظام البشير السابق، خاصة وأن قادة النظام الجديد تحركهم مجموعة الدول الغربية التي انحازوا لها بالكامل، وانحازت هي بدورها إليهم بالكامل. زيارة البرهان جاءت بعد توقف كافة أنواع التعاون مع الصين والتي كان لها نصيب الأسد في استخلاص البترول السوداني مطلع الألفينات عندما دخلت بقوة وبكامل ثقلها بديلا للتكنولوجيا الغربية، التي ظنت في سنوات ضيم السودان أن بترول السودان سيظل قابعا تحت الارض ولن تخرجه أي جهة غيرها. رغم ذلك استطاعت الصين أن تكسر هذه القاعدة.
أيضا زيارة البرهان إلى الصين جاءت بعد أن تكالبت عدة دول ضد السودان واطلقت حرب أبريل الحالية، بتخطيط كبير ومحكم استطاع أن يضم تحت جناحه عدد من الدول الافريقية التي وفرت العنصر البشري بالإضافة لدولة الإمارات التي وفرت المال والسلاح، وأخيرا أصبحت قوى الحرية والتغيير التي رفضت التعاون مع الصين هي الغطاء السياسي والحليف غير المعلن لمليشيا الدعم السريع.
الزيارة كسرت كل هذه القيود، وفتحت صفحة جديدة مع الصين الشعبية، تجاوز فيها الطرفين عقبة الديون الصينية على السودان والتي كانت سببا مباشرا في وقف أي تعاون مستقبلي قد يجمع السودان بالصين، خاصة بعد اعتلاء مجموعة الحرية والتغيير للسلطة وهم كانوا من أشد المناوئين لاي تقارب سوداني صيني أو شرقي.
استطاع البرهان برفقة وفد رفيع المستوى ضم وزراء المالية والخارجية والنفط وعدد كبير من مسؤولي القطاع الاقتصادي والعسكري ، أن يوقع على عدد من الاتفاقيات المهمة، حصد خلالها السودان اتفاقيات تعاون اقتصادي واسع بالإضافة لتعاون في مجال الدفاعات العسكرية، الأمر الذي يكسب السودان فوائد على المستويين المدني والعسكري.
الجانب المدني من الاتفاقيات شمل قطاعات مهمة، هي قطاعات الطاقة بشقيها التقليدية والنظيفة، إضافة إلى الطرق والجسور، والموانئ والمطارات، والزراعة.. وهذه المجالات هي الروافع الاقتصادية لاي دولة نامية، ما يؤكد أن السودان سيخرج من هذه الحرب وهو أكثر قوة ومنعة، بعد توفر كل الإمكانات اللازمة لإعادة الاعمار، وتعويض خسائر الحرب الكبيرة في جانب البنى التحتية.
أن يكسب السودان شريكا في هذه الظروف مثل الصين يكون من الدول المحظوظة جدا.. حيث تستطيع الصين بما تملكه من قدرات وتجارب أن تمنح السودان الكثير، وبالمقابل تحصل على احتياجاتها من السودان وهي تحقيق الأرباح على المستوى الطويل.
دخول السودان في شراكات عسكرية دفاعية مع الصين يجعله يدخل مرحلة ما بعد الحرب وهو أكثر قوة وأكثر تأمينا من اي مهددات، بل إن البعض توقع أن تعود الاتفاقيات العسكرية بين الصين والسودان بمنافع يظهر أثرها خلال الحرب الحالية بزيادة قدرات السودان الدفاعية والهجومية، خاصة أن طاقم إدارة مجموعة الصناعات الدفاعية كان في رفقة الرئيس البرهان خلال الزيارة.
ومن الابعاد المهمة جدا لزيارة الصين أن الصين ربما تتخلى لاول مرة في تاريخها عن سياستها الثابتة بعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية، وكانت الصين ومنذ بداية الحرب تعلن أنها مع وحدة واستقرار السودان لكنها لم تناصر أو تدعم اي طرف، وظلت محتفظة بعلاقات متوازنة مع طرفي الحرب، لكن وضح أن هذه السياسة ربما تفقد الصين الكثير ليس في السودان وحده ولكن في بعض دول الجوار الافريقي التي ستؤثر عليها حرب السودان، لكل هذا توقع مراقبون أن الصين ستقدم دعما كبيرا لبورتسودان لمواجهة هذه الحرب حتى تستقر العلاقات بين البلدين في المستقبل، زيارة الصين تدفع السودان لأن يشهد تطورا يماثل وربما يفوق ما أحدثته علاقته مع الصين في السابق، ويدخل بذلك حيزا جديدا من النماء والتطور والازدهار يكون بديلا للمعاناة والفقر والتخلف الذي أحدثته الحرب.