عثمان جلال يكتب:
لا تكونوا المطية لذئاب مليشيا آل دقلو
(١).
أحزنني قيام قلة من ابناء مدن وقرى شرق الجزيرة باستقبال مرتزقة آل دقلو ومدهم بالمال على النحو المتداول في فضاءات الميديا وإن كان ذلك من باب المدارة وتحت وطأة الإرهاب الجنجويدي ، واضعف الايمان اغلق عليك بابك وادعوا لبواسل الجيش والمجاهدين بالانتصار وان اقتحم عليك البرابرة الهمج الباب عندها ناجزهم بالسنان ومن مات دون ماله وعرضه فهو شهيد فلا تعايش مع هؤلاء الذئاب المجردين من قيم الدين والمروءة والشرف السوداني
(٢).
هذه المشاهد المؤسفة ذكرتني بقصة الفلاح الروسي العظيم والتي تقول روايتها إنه وبعد ان أكمل نابليون سيطرته على أوروبا قرر غزو روسيا ،وكان نابليون عندما يمر عبر المدن اﻷوروبية متوجها” نحو روسيا يتداعى السكان لمشاهدة جحافل جيشه ، وعند دخوله تخوم اﻷراضي الروسيه شاهد فلاحا” روسيا” منحنيا” وبيده منجله يحرث أرضه في همة ونشاط ولم يعر موكب نابليون انتباها وشجنا”،فقال نابليون لحراسه وقادته: ألا ترون هذا الفلاح الروسي الحقير لم ينظر إلى موكبي وبنات أوروبا يخرجن شوقا” وشجنا” لمروري أمام منازلهن ؟ فأوقف نابليون الموكب وأمر بإحضار ذلك الفلاح فأتوا به مكتفا فقال له نابليون : لماذا لم توقف الحراثة وتنظر إلى موكبي ؟ فقال له الفلاح:مالي وموكبك فأرضي أولى بإهتمامي
فقال نابليون : ألا تعرف من أنا ؟
فقال الفلاح لا يهمني أن أعرف من أنت ؟ فقال نابليون: عليك أن تعرف أنا نابليون الذي سأحتل بلدك،فقال الفلاح أنت غازي حقير وأحقر من أن تحتل بلدي العظيم
فقال نابليون يجب أن تحمل اسمي معك دائما” لكي تذكرني في كل وقت.وقال لجنوده: أكتبوا اسمي على ساعده،فأحموا سيخا” من الحديد و كتبوا اسم نابليون على يده ليكون وشما” لا يستطيع نزعه،فما كان من الفلاح الروسي إلا أن قام برفع منجله وضرب يده فبترها ورمى بها وسط ذهول جنود وضباط نابليون ، ثم قال للامبراطور نابليون خذ اسمك معك فعار علي أن أحمل اسم غازي حقير مثلك .فنظر نابليون إلى من حوله من القادة والحراس وقال مقولته المشهورة 🙁 من هنا تبدأ الهزيمة ) فكانت قولا وفعلا هزيمته النكراء من روسيا
العبرة متى ما كان المجتمع مرتبطا ومولعا بحب أرضه ووطنه فهو بذلك يزرع النصر ويأنف الهزيمة والانكسار
(٣).
ذكر المفكر المصري جمال حمدان في كتابه شخصية مصر عن حالة التضاد بين الخصوبة الثقافية والوهن العسكري للحضارات العتيقة المرتبطة بالارض فقال
لا فضل لمصر قط في نشر الاسلام جغرافيا سوى الدور السلبي ، دور الممر لا المكر ، دور المطية لا الفارس
لما يقارب التسعة شهور من حرب مليشيا آل دقلو على الدولة السودانية كانت كافية لاستشعار المخاطر ، وقيام تجار ورجال الاعمال في كل مدن وقرى شرق وغرب الجزيرة وهم من اكبر التجار في السودان بالمبادرة والاجتماع مع القيادة السياسية والعسكرية بالولاية والالتزام بتمويل عمليات فتح المعسكرات التدريب والتسليح للمستنفرين والمعاشيين من القوات النظامية في هذه المدن والحواضر وذلك للدفاع عن النفس والاموال والاعراض.
كان ذلك ممكنا ولكن ضعف الوعي بالمعركة الوجودية وشح النفس جعل تلك المناطق ممرا ومطية للجنجويد حتى استباحوها وبلغوا تخوم حاضرة الولاية مدني في ساعات.
(٤).
لعل العبرة التي يجب التقاطها من هذه المأساة هي ضرورة شروع التجار ورجال الاعمال والمغتربين في كل ولايات ومدن وقرى السودان في تمويل عمليات فتح المعسكرات وشراء السلاح وتدريب وتجهيز المستنفرين تحت الاشراف المباشر للجيش وذلك للدفاع عن النفس والارض والعرض والمال. فالمقاومة الشعبية الشاملة المتلاحمة مع بواسل القوات المسلحة هي الخيار لدحر وهزيمة وتصفية مرتزقة ال دقلو الارهابية من جذورها.
الاثنين/ ١٨ ديسمبر ٢٠٢٣