السفير الصادق المقلي يكتب: ماذا وراء التدخل الخجول للمجتمع الدولي و الإقليمي إزاء الحرب في السودان ؟
صورة قاتمة و محزنة رسمها الشناوي مدير تحرير وكالة انباء الشرق الأوسط عن الوضع في السودان.
و لا غرو..ارقام مخيفة لكارثة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ السودان الحديث…أكثر من عشرة آلاف قتيل . أكثر من عشرة مليون نازح و لاجئ .. حرمان ملايين التلاميذ و الطلاب في كافة مراحل التعليم ،،و لعام كامل قابل للزيادة،، من التعليم….مئات المشافي خارج الخدمة…انهيار تام للقطاع الصحي و التعليمى…انهيار تام للخدمات الأساسية من اتصالات و كهرباء و ماء.
. ..معظم الأسر الميسورة هيأت لأبنائها فرصا للتعليق خارج حدود الوطن….انهيار المواسم الزراعية و القطاع الصناعي..حيث هرب أصحاب المصاتع الي دول مجاورة فأصبح المنتج السوداني يصدره صاحب المصنع السوداني الي بلاده !
غياب الخرطوم و الجزيرة ،، أهم شرايين النشاط التجاري،، أدى الي البوار و كساد و ركوض غير مسبوق في حركة التجارة …بسبب صعوبة الوصول الي الاسواق الرئيسية ،فضلا النزوح القسري لسكان الجزيرة و الخرطوم حذر الموت
…أكثر من ثلاثة مليون منزل و مئات السيارات تم نهبها …نهب و سرقة شاركت فيه عناصر من الدعم السريع و غيرهم من المجرمين .. و كذا حرق المئات من مؤسسات الدولة و القطاع الصناعي و الاسواق المركزية في ولاية الخرطوم….
نهب و ترويع آلاف المواطنين في ولاية الجزيرة…في المناطق التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع…قتل و تشريد و لجوء قسري في دارفور الكبري..انفلات امني وشح في الخدمات الأساسية و نذر بالمجاعة كما تشير التقارير الأممية تلوح و تهدد عشرات الملايين من المواطنين..و انهيار القطاع الصحي و شح في الأدوية المنقذة للحياة تهدد ارواح المواطنين خاصة الشرائح الضعيفة من النساء و الأطفال و كبار السن..و حيث تتحدث التقارير الأممية عن أكثر من خمسة مليون مواطن في حاجة ماسة للعون الغذائي…
وطن معزول تماما عن محيطيه الدولي و الإقليمي…بلد نزحت فيه الحكومة و موسسات الدولة مثلما نزح المواطنون…نزح حتي المنتخب القومي لكرة القدم مستجديا للمعسكرات في الخارج..!!!!!
. فرت كل البعثات الدبلوماسية من العاصمة.لظروف أمنية ..كما توقفت حركة الطيران في مطار الخرطوم و لم تعد من وسيلة للسفر جوا غير طائرتي تاركو و بدر من بورتسودان..و حيث لأول مرة يستغرق السفر الي المملكة العربية السعودية أكثر من اسبوعين ابتداء من سكنك و مرورا ببورتسودان..ثم جدة ثم السفر منها الي احد العواصم الخارجية لتاشيرة الدخول من السفارات السعودية و انتهاءا بالعودة مرة أخرى الي المملكة….
عام كامل تعطلت عجلة الاستثمار و التنمية في البلاد…و حيث تم تعليق علاقات و تعاون الدولة مع المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف بما فيها بنك التنمية الافريقي.
..ثلاثة أعوام منذ انقلاب اكتوبر لم تطأ أرض البلاد قدم اجنبي إلا اؤلائك الذين سعون دون جدوى الي المساهمة في حل النزاع في السودان…بما فيها البعثة الأممية التي تم طردها من البلاد …كما قطعت الدولة العلاقة مع الايقاد … آخر شعرة في علاقات السودان مع المجتمع الدولي و الإقليمي…!!
فيما يتعلق بكلفة الحرب ،،تشير تقديرات متواضعة الي خسران الدولة أكثر من مائة مليار دولار..
و الحال هكذا … هناك سؤال منطقي و مشروع سأله مدير تحرير وكالة انباء الشرق الأوسط..ما هو هدف المتحاربين ؟!..و هل سيجد من ينتصر في هذه الحرب شعبا أو وطنا يحكمه…؟؟ سوف لن يرث سوى ركام الوطن و أشلاء المواطنين.،!!!
أما السؤال الذي هو ربما في بال الكثيرين ….ما هو موقف المجتمع الدولي مما يجري في السودان من هذه الكارثة الإنسانية التي تهدد بانهيار الدولة و انزلاقها نحو المجهول و تمدد تداعياتها في المنطقة !؟؟؟
..إن ما حدث في السودان منذ انقلاب اكتوبر و اثناء هذه الحرب من انتهاكات لحقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني و هذه الفطائع التي ارتكبها المتحاربون ،، و خاصة الدعم السريع،،، كلها ترقي الي جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية المنصوص عليها في الباب الثاني من ميثاق روما..و يجعل مرتكبي هذه التجاوزات عرصة للعدالة الدولية…
إنما يحدث في دارفور و الجزيرة سواء من ترويع للمواطنين و سرقة للممتلكات و نزوح و تشريد قسري و اتهامات بانتهاك العروض تطال الدعم السريع … دفعت بالكنغرس الي إرسال رسالة للرئيس بايدن يطلب منه تأكيد هذه الاتهامات في حق الدعم السريع في غضون اربعة اشهر. فضلا عن اتهامات للجيش السوداني بٱستهداف المدنيين بالقصف العشوائي……يجعل الحالة بالذات في دارفور افظع مئات المرات من تلك الحالة التى استدعت قوات حفظ السلام اليوناميد تحت الفصل السابع الي دارفور.
.لكن تزامن الحرب في السودان مع حروب أوكرانيا و غزة وضعنا أمام تدخل أممي خجول..و أمام مجتمع يمد حبل الصبر قبل أن يتدخل بصورة مباشرة تدخلا عسكريا..يضع حدا لهذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في تاريخ السودان الحديث..
.و لا شك بتفاقم هذه الكارثة و بتعذر الحل السلمي التفاوضي سوف لن يقف المجتمع الدولي مكتوف الأيدي….و لعل مؤتمر باريس و جلسة مجلس الأمن اول أمس و عقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي جلسة خاصة عن الوضع في السودان..،عبارة عن ( قيدومة ) و كرت أصفر للمتحاربين و دق ناقوس الخطر بتدخل اممي عسكري سواء من قبل مجلس الأمن أو بتحالف دولى إقليمي في حالة اعتراض اي من الدول دائمة العضوية في المجلس..
…كما تلاحظ اهتمام بالغ من كافة المنظمات الحقوقية و الامم المتحدة و الاتحاد الافريقي و الاتحاد الأوروبي و دول الترويكا و الجامعة العربية و دول مجلس التعاون الخليجي و التعاون الاسلامي بمتابعة ما يجري في السودان منذ اليوم الاول من اندلاع الحرب ..و قد بح صوت كل هذه المنظمات الدولية والإقليمية مطالبة بالوقف الفوري لاطلاق النار ، تسهيل انسياب المساعدات الإنسانية للمتضررين و افساح المجال للحل السلمي التفاوضي..و لكن لا حياة لمن تنادي..
فهل يا تري سيظل المجتمع الدولي و الإقليمي مكتوف الأيدي..في حالة تفاقم هذه الأزمة و أنزلاق تداعياتها نحو محيط السودان الإقليمي…و في حل أصبحت مهددا للامن و السلم الدولي!!؟؟ة ذلك ربما يجيب عليه مقبل الأيام…