السفير المقلي يكتب: ميثاق القاهرة…و الزواج الكاثوليكى بين الكتلة الديمقراطية و العسكر
تمخض جبل الكتلة الديمقراطية في القاهرة فلم يلد سوي نسخة معدلة من الوثيقة الدستورية المؤوودة…
و السؤال الذي يطرح نفسه ..
لماذا اصلا العودة لشراكة مع العسكر و انتم الذين قدمتم السلطة فى طبق من ذهب للمكون العسكري حيث تفضلتم عليه بأستدعاء الانقلاب..!الذي فض هذه الشراكة……
هم نفس المجموعة التي نفذت اعتصام القصر و اغلاق الشرق و الانحراف بمسار التحول الديمقراطى…هم نفس الثلة التي اجتمعت من قبل في القاهرة.. و هم انفسهم الذين جمعهم لقاء مع ياسر العطا…حيث هتفوا و صفقوا له حين قال لا مكان للمدنيين في السلطة …بل طالب الحاضر الغائب الشيخ التوم هجو ببتر خصومهم حيث صرح و كان منتشيا
(( كنا معكم في 25 اكتوبر نحن المساعدين…و أنتم الجراحين ،،بس المرة دى دايرين جراحة نجيضة و دايرين بتر نهائي)) و الشيخ صاحب النضال الخمسينى ضد العسكر اعتذر عن الحضور (( لانه يقود معركة تحرير الجزيرة علي حد قوله )) ….هذا ما سرب عنه.بيد أنه في تجمع اخر انتقد المجتمعين في القاهرة معبرا عن رفضه لما تم من حيث الشكل لا المضمون و تساءل من أين لهم بمليون دولار لتمويل التجمع !!!!
و قد كان حصاد الهشيم لما سمي بتصحيح المسار… اوصلتم انتم و الشريك البلاد الى حالة اللادولة.. و عادت القطيعة مرة أخرى مع المجتمع الدولي و عزلتم الدولة من محيطها الدولى و الإقليمي و المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف. و حراك ثورى مناهض للانقلاب ،راح ضحيته العشرات من الشهداء و آلاف الجرحي..
يبدو أن جماعة الكتلة الديمقراطية و بعض من سدنة نظام الإنقاذ و جماعات قد حار بها الدليب استعصي عليهم الفراق بإحسان بينهم و بين العسكر… كيف لا و العسكر هم الذين نفذوا لهم مخططهم… ليس فقط باقصاء الشريك الثالث، و انما زج بقياداته في المعتقلات.. و الإبقاء عليهم هم في السلطة التنفيذية و السيادية.. حتى الممات..نعم لم يجف بعد حبر الميثاق حتي صرح د جبريل (( أن الحركات سوف تحتفظ بمقاعدها في أي حكومة قادمة ،،،)) متضهرين باتفاقية جوبا.. و ابقوا على مادتين لم يلغيهما البرهان فى بيان الانقلاب… فى الوثيقة الدستورية.. المادة 80 الخاصة بمجلس الشركاء، و المادة ٧٩ المتعلقة باتفاق السلام.
… و كأنى بهم في زواج كاثوليكى لا فكاك منه.. .. ..نعم تناسوا معاناة المواطنين و هذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في تاريخ السودان الحديث. و مآسى الاهل في دارفور بصفة خاصة ، و ركزوا علي اليوم التالي و تقاسم كعكة السلطة …كأن الحرب قد وضعت اوزراها…!!!!
بل إن اتفاقية جوبا اضحت فى مهب الريح.. و لم يجن منها أصحاب المصلحة الحقيقية… الأهل في دارفور…غير حصاد الهشيم.. فكانت نقمة و وبالا عليهم حيث تضاعت اعداد النازحين و اللاجئين..و راح الآلاف ضحية لهذه الحرب العبثية..!
. فماذا يا ترى سيستجد و انتم تنادون بإعادة الشراكة و العودة إلى ما قبل ٢٥ أكتوبر…؟!! ؟ و لعل فى هذا اعترافا ضمنيا بفشل انقلاب، انتم كنتم الحاضنة السياسية له.. فشل اعترف به حتى قادة الانقلاب..!!ثلاث سنوات ضاعت سدي من عمر البلاد.
ان ميثاق القاهرة يسبح تماما ضد تيار المشهد السياسي.. و يبتعد تماما عن لب الازمة و تداعياتها… و يسعي الى تجريب المجرب.. و لا يريد الخروج عن موجة أثير الانقلاب.. فكيف يتحدث عن التوافق الوطني.. أو الرضاء الوطني و اهم نقاط الميثاق الإبقاء على الأمر الواقع و شرعنة للانقلاب…
.. فى وقت تنادي فيه كل القوى السياسية و الثورية و المدنية الأخرى بإنهاء الانقلاب و استعادة مسار التحول الديمقراطي.. و ارساء أسس الدولة المدنية و خروج العسكر من المشهد السياسى..!؟! فهذان خطان متوازيان لا يلتقيان… و لعل الموضوع المفصلى.. اى الشراكة مع العسكر سيكون السبب الرئيس في عدم أحداث اى توافق سياسي و سيقذف بالبلاك نحو المجهول… ان أصر وكلاء الانقلاب على رؤيتهم.. و من ثم استدامة الاحتقان السياسي و استمرار. الحراك الثوري فى الشارع و العزلة الدولية و الإقليمية ..فشعار الحراك الثوري… العسكر للثكنات و الجنجويد تتحل…فهم يصرون علي بقاء العسكر في السلطة…رغم ان العسكر انفسهم صرحوا مرارا و تكرارا قبل هذه الحرب العبثية انهم قرروا مغادرة المشهد السياسى…بل وقعوا علي الاتفاق الإطاري و الاعلان السياسي المنبثق منه و الذي ينص علي مدنية كل هياكل السلطة.
.فميثاق القاهرة هو بمثابة عطاء من لا يملك لمن لا يرغب.
و الحال هكذا،، لا يملك المرء إلا أن ينتظر مآلات المشهد على ضوء هذا المستجد .. رغم أن قرائن الأحوال لا تنبئ بكثير خير…في حالة تمترس قوى الكتلة الديمقراطية في مواقفها.. خاصة فيما يتعلق بمستقبل تموضع المكون العسكري الحاكم.. و جعل الباب مواربا على كل الإحتمالات…. خاصة و أن ميثاق القاهرة فيه إعادة لإنتاج نفس المنحي الإقصائي الذي زاد من الاحتقان السياسي و الانفلات الأمني و انهيار كافة قطاعات الدولة .فتجريب المجرب لا يخدم قضية هذا الوطن الجريح في شئ..
و لعل نظرة سريعة الي قائمه الحضور تدل عن صعوبة التوصل إلي صياغة مشروع وطني جامع…يحدث توافقا وطنيا يرسم ملامح المستقبل السياسي المعافي و اسس الحكم الراشد الذي يضع حدا لهذه الدائرة الشريرة و يحقق شعار العسكر للثكنات و الأحزاب للانتخابات…
نعم ،كما قيل ، شارك خمسون كيانا سياسيا…80 في المائة منها لم يسمع به احد و لا يرتكز علي قاعدة جماهيرية .. فضلا عن أن كل الأحزاب التقليدية تمثلها فصائل منشقة عن احزابها الأم منذ النظام السابق…ففصيل من الاتحادى الديمقراطى الأصل يشارك في تجمع تقدم ..و كذا الحال بالنسبة العدل والمساواة و الجبهة الثورية و مؤتمر البجا فهناك ترك الحاضر و سيد ابو علي الحاضر الغائب ..و مبارك الفاضل..و المؤتمر الشعبي موزع ما بين الشورى الحاضرة و الامانة العامة الغائبة . و أحزاب اخري حاضرة منشقة من المؤتمر الوطني.. فهناك د غازى و رزق ..و حتي حزب البعث نجد الحاضر محمد وداعة و الغائب وجدى مصطفي …و حتي الحزب الشيوعي و الجذريين كانت الحاضرة سندرلا فاروق كدودة و الغائب كمال كرار و غيره..حتي الوطني الاتحادي هناك د احمد بلال الحاضر و عثمان محمد زين الغائب …اما العدل والمساواة فهناك الحاضر د جبريل و الغائب د صندل..و اردول و عسكوري و طمبور و التجاني السيىسي.. أهم وكلاء الانقلاب..
.و لعل من اكبر ثقوب ،،الميثاق أنه قفز فوق الجهود المبذولة في سبيل ايقاف الحرب و قد وضع العربة أمام الحصان…فهو يركز علي اليوم التالي و لا يحدثنا عن كيفية انهاء الانقلاب و انهاء الحرب..انقلاب و حرب هم أس الأزمة الإنسانية و الانهيار الاقتصادي و الأمني و مهددات النسيج الاجتماعي و السبب الرئيس في إنسداد الافق السياسي و في هذه العزلة الدولية والإقليمية التي ظل يعاني منها السودان منذ انقلاب الخامس و العشرين اكتوبر…
مجمل القول إن ميثاق القاهرة لم يأت بجديد غير إعادة إنتاج و تدوير بهذه الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد..فلا بديل غير توافق حول مشروع وطني جامع يتراضي حوله اهل السودان …و كوديسا علي الطريقه السودانية..و ارساء مبدا الحقيقة و المصالحة و العدالة الانتفالية و عدم الإفلات من العقاب لكل من اجرم في حق الوطن قبل و بعد ثورة التغيير..و اخراج البلاد من هذه الدائرة الشريرة و تكاتف جهود العسكر و الساسة حول حوار سوداني خالص يضع حدا للاحتراب و يمهد لاستعادة مسار التحول الديمقراطى وفترة انتقالية يولي أمرها لشخصيات وطنية مقتدرة و ذات خبرة في العمل العام و من دون محاصصات حزبية…تناط بها مهمة عودة السودان الي حضن الاسرة الدولية والإقليمية و استعادة مسار إعفاء ديون السودان..و استكمال مؤسسات الدولة المدنية و التنفيذية و التشريعية الانتقالية و صولا لانتخابات حرة و نزيهة و مراقبة دولية …يحتكم فيها الشعب و الي الأبد الي صندوق الاقتراع و يقول فيها وداعا لصندوق الذخيرة.