السفير الصادق المقلي يكتب: تصاعد اليمين المتطرف ..هزيمة ساحقة لائتلاف ماكرون..حله البرلمان و انتخابات مبكرة ..خطوة محسوبة ام قفزة في المجهول ؟؟؟
بترقب يحبس الأنفاس، تنتظر فرنسا انتخابات مصيرية قد تفتح أبواب السلطة لليمين المتطرف في منعطف غير مسبوق. اقتراع بمثابة زلزال قد يعيد تشكيل المشهد السياسي الفرنسي بتداعيات اقتصادية وسياسية على المستويين الوطني والقاري.
يمين المتطرف يتصدر استطلاعات الرأي
أظهر استطلاع أن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في فرنسا قد يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية بنحو 35 بالمئة من الأصوات، فيما حلت الجبهة الشعبية اليسارية المركز الثاني، واكتفى “ائتلاف ماكرون” بالمركز الثالث.
نعم وجهت أحزاب اليمين المتطرف صفعة قوية لقادة باريس وبرلين، لكنها لم تستطع انتزاع الأغلبية من أحزاب الوسط في البرلمان الأوروبي، التي حافظت على صلابتها وأغلبيتها في البرلمان الأوروبي..
قرارماكرون، وقبله فوز حزب لوبن، كان بمثابة القنبلة التي أعادت خلط الأوراق في المشهد السياسي الفرنسي، فقد تسارعت عملية إعادة تشكيل المشهد السياسي في البلاد،، تحولت أحيانا إلى مظاهر خوف وفوضى بظهور انقسامات واسعة داخل المعارضة اليمينية. فقد أُطيح بإريك سيوتي رئيس الحزب المحافظ الرئيسي في فرنسا (الحزب الجمهوري الديقولي) الذي عزله، بسبب اقتراحه تحالفا غير مسبوق مع التجمع الوطني، لكن سيوتي يرفض ترك منصبه. و هو حدث غير مسبوق ..تحالف الحزب الديجولي مع اليمين المتطرف..بل إن زعيم الحزب الرئيس السابق جاك شيراك رفض حتي المناظرة التقليدية مع ماري لوبن عندما حلت ثانية في الانتخابات الرئاسية…و قد وصف ماكرون هذه الخطوة بأنها تحالف ضد الطبيعة
Alliance contre nature..
نتيجة الانتخابات البرلمانية في فرنسا تكريس للمد اليميني الشعبوى المتطرف…هذه هي المرة الثالثة علي التوالي التي يتفوق فيها حزب التجمع الوطني بزعامة ماري لوبن…. خليفة والدها جان ماري لوبن الذي اسس هذا الحزب في عام ….و لعل طموح ماري لوبن في الفوز برئاسة فرنسا حيث مرتين ثانية في الانتخابات الرئاسية . .جعلها تتنازل عن رئاسة الحزب الشاب بارديلا الذى يبلغ من العمر 28 عاما و المرشح حسب التوقعات بتولي رئاسة الوزراء عقب الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية المبكرة في السابع من يوليو المقبل…إذ أن الجولة الاولي ستجري في الثلاثين من يونيو الجاري…
و بالرغم من أن الدستور الفرنسي يمنح الحق في تعيين رئيس الوزراء من اي كيان سياسي مهما كانت نتيجة الاخير في الانتخابات….إلا أن العرف الجاري في الجمهورية الخامسة يحتم علي ماكرون اختيار رئيس الوزراء من الحزب الاول و هو دون شك سيكون هذا الشاب بارديلا رئيس حزب التجمع الوطني المتطرف.
فضلا عن الدستور يتيح لماكرون البقاء في منصبه حتي و لو انهزم إئتلافه الحاكم هذه الانتخابات في السابع من يوليو المقبل…الأمر الذى جعله يصرح بأنه سيكمل ولايته حتي عام 2027..لكن دون شك سيجد الوضع إثر صعود اليمين المتطرف الي رئاسة الوزراء لأول مرة في تاريخ الجمهوريةالخامسة
اكثر تعقيدا مما كان عليه قبل الانتخابات…تعقيد و تقاطع في العلاقة ما بين الجهاز التشريعي و المؤسسة الرئاسية…و هو في حقيقة الأمر احد المبررات التي دفع بها لحل البرلمان…و لعلها خطوة غير محفوفة بالمخاطر و مفاجأة حتي في اوسط الإئتلاف …و هو ما عبرت عنه صراحة ايدالقو عمدة باريس . .اذا قالت أن إجراء هذه الانتخابات قبل بضع أسابيع من الالعاب الاولمبية في بلاها ستفسد فرحة الفرنسيين بهذا المحفل الرياضي العالمي…
لقد تغير المشهد السياسي في فرنسا بشكل كبير خلال السنوات الماضية. فقد قاد الرئيس ماكرون، الذي خاض الانتخابات كمرشح وسطي عام 2017، إصلاحات واسعة النطاق في ولايته الأولى. وتضمنت أجندته التحرير الاقتصادي والإصلاحات الضريبية ومبادرات لتعزيز الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، لم تحظ هذه التدابير بالدعم الشعبي، بل أثارت مقاومة كبيرة ظهرت في الاحتجاجات المستمرة التي تنظمها حركة “السترات الصفراء” بشكل مثير ملفت وجديد. ويمثل صعود حزب “التجمع الوطني” تحت قيادة مارين لوبن تحديا كبيرا لماكرون. فقد تمكنت مارين من تحويل حزب “الجبهة الوطنية” من حزب يميني متطرف إلى قوة “مقبولة” سياسيا قادرة على جذب قطاعات واسعة من الناخبين. ويعكس نجاحها في الانتخابات الأخيرة استياء العديد من الفرنسيين من سياسات الأحزاب التقليدية من حيث تدهور القدرة الشرائية ولكن أيضا المشاكل المرتبطة بالهجرة و ظاهرة الاسلامفوبيا .
تلعب فرنسا دورًا مركزيًا في الاتحاد الأوروبي، وقد تكون لمرحلة عدم اليقين السياسية الحالية تأثير على الاتحاد الأوروبي بأكمله. ويتناقض موقف ماكرون المؤيد لأوروبا بشكل صارخ مع مواقف حزب التجمع الوطني المشكك في أوروبا. فصعود هذا الحزب كأول قوة سياسية في البلاد واحتمال قيادة البلاد، يمكن أن يعرض استقرار وتماسك الاتحاد الأوروبي برمته للخطر.
الواقع أن صعود اليمين الشعبوي المناهض لأوروبا في فرنسا لن يمر دون عواقب بالنسبة لبقية التكتل القاري. إن أجراس الإنذار في بروكسل تدق بالفعل، ذلك أن الحكومة التي سيقودها جوردان بارديلا، تلميذ لوبن، ستكون بمثابة رياح موسمية قد تطلق العنان لعاصفة من عدم اليقين بشأن المستقبل القريب للاتحاد الأوروبي.خاصة في ظل الانقسام و الصراعات في الاحزاب التي تواجه حزب “التجمع الوطني” منقسمة ومتصارعة”.
علي كل تبقي نتيجة الانتخابات البرلمانية المبكرة في فرنسا مفتوحة علي كل الإحتمالات…و ليس من المستبعد أن تصاحبها فوضي و أعمال عنف كما صرح بذلك وزير الداخلية الفرنسي.. سيما في حالة اكتساح التجمع الوطني المتطرف للانتخابات و صعوده لرئايسة الانتخابات..بالرغم من تصريحات ماكرون المتفائلة بسد الفرنسيين الطريق أمام فوز هذا الحزب …لكن لا ينسي ماكرون ان ليس كل من يصوت لصالح التطرف اليمينى حبا في الحزب و انما مللا و رفضا لسياسات النادي السياسي القديم يمنة و يسرة ..
هذا ما نتتطرق له في مقال لاحق عقب نهاية الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية المبكرة في فرنسا في السابع من يوليو المقبل ان شاء الله