صبري محمد علي يكتب: (بعيداً عن السياسة)
*(الكبكبة) في حضرة المحبوب*
الكبكبة والرجفة والرجرجة هي مترادفات لمعنى عدم الإتزان عموماً و في حضرة الحبيب قد تكون أشدّ و أقسى على (المُتيّم) فلربما تصاحبها (شحاتيف رُوح) ونشاف ريق وحاجات بالشكل ده
الكبكبة ليست وليدة اليوم فهي مرصودة في أشعار العرب عندما يبث الشاعر أشواقه بل ومنهم من يستهل بها القصيدة ولكن لربما لا ينتبه قارئ اليوم لتلك (الجِرسة) أمرؤ القيس (أظنه) هو من قال
*رمت الفؤاد مليحةٌ عذراء*
*بسهام لحظٍ ما لهُن دواءُ*
أما (عمنا) الأعشى فهو زول (كبكابة) جداً وقد بدأ ذلك واضح في لاميته الشهيرة وسُمي بصنّاجة العرب لأنه أول من إسترزق بشعره
فقد قال في من أحبها
*إذا تعالج قِرناً ساعةً فترت*
*وإهتزت منها ذنوب المُتُن والكفل*
أي أنها سريعة التعب عندما تلاعب قريناتها لإمتلاء جسمها وعجيزتها
ومن الواضح أن الأعشى من عُشاق (الوزن الثقيل) وقد وثّق ذلك في كثير من أشعاره
أما في *أغاني الحقيبة*
فما أكثرها وما أطعمها
فالشاعر ود الرضي نُقل عنه أنه كان في حفلة ما وكانت هُناك حسناء ترقص سلبت عقله كما يُقال
قيل أن أخيها قد وقف مُمتشقاً (عُكّازه) وأقسم بأن من يُقدِم على أخذ (شبال) منها فسيناله (عُكّاز) وقيل بل إتفقوا على جلده بصوت (العنج)
المُهم في الأمر أن ود الرضي لم يستطع الصمود أمام جمال الفتاة فقال فيها
*الكُتُوف واقعه*
*والعيون يا ناس*
*مُويتِن ناقعه*
*الوِجن قادحات*
*في الظلام فاقعه*
*راجي (شبّالي)*
*و راضي بالصاقعة*
كذلك (كبكبة) الشاعر عبد الرحمن الريّح في قصيدة
*(ليّ في المسالمة غزال)* واضحة جداً
*ليّ في المسالمة غزال*
*نافر بغني عليهو*
*جاهل و قلبو قاسي*
*و قلبي طائع ليهو*
أما أغنية أعمامنا الثنائي *ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة*
*(الليل الليل يا جمال الليل)*
فرغم إنها جاءت بديعة في الوصف إلا أنها بِلُغة اليوم تُعتبر (خادشة للحياء)
ولكنه ذاك زمانهم وفهمهم للحياة وإختصار جمال المرأة في الجسد
(وإحنا مالنا) !!!
ولكنها قطعاً تُمثِّل نوعاً من أنواع الكبْكبة لا تُخطئها العين
*هوي يا الجاهلة وطيبك عهود*
*فوقك براءة و ياسين وهُود*
*ليّ شلّاخك وقفن شهود*
*أزهر عُودِك جُوز النهود*
لكن تعال شوف الروعة وين في مقطع آخر قال….
*ُهُوي يا حبيبة وطرفك كحيل*
*صدرك عالي و خصرك نحيل*
*من أردافك دايماً وحِيل*
*تحكي سُحيب الضُحى في الرحِيل*
وأظن هو ذات المعني الذي ذكره (عمنا) الأعشي في لاميته المشهوره حين قال …..
*تمشي الهُوينا كما يمشئ* *الوجي الوحلُ*
والوجي هو الشخص الحافي وقيل هو الفرس إذا رق حافره وأصبح يمشي ببطء من الألم
ففيه إشارة لمُعاناتها من ثقل الأرداف
وعموماً صفة الإمتلاء هي إحدى صفات الجمال التى تغنى بها العرب كثيراً في أشعارهم
أيضاً (حكاية) …..
*تحكي سُحيب الضُحى في الرحيل*
هو ذات ما ذكره الأعشى في قوله
*كأن مِشيتها من بيت جارتها*
*مرُ السحاب لا ريثُ ولا عجلُ*
لكن تعال شوف ….
الكبكبة الجد جد وين !
التي جاءت في قصيدة *الإستيكة* ضمن روائع أشعار هيئة (حلمنتيش العُليا) فالقصيدة كما ذكر الشاعر محمد الجاك الصراف أنها للشاعر (جاغوم بن بلّاع) البروفيسور محمد احمد إسماعيل (رحمه الله)
و عدّها الصرّاف من *مُعلّقات* الهيئة
وللصراف نفسه روائع كثيرة منها قصيدة *(حِليل خالك)* وجهها لإبن أخته وأتمني أن أحصل عليها لافرغ لها حلقة
مناسبة قصيدة الإستيكة بحسب لقاء قديم للصرّاف بالتلفزيون القومي
أن الشاعر كان (يُذاكر) بمكتبة الجامعة وكانت بجواره طالبة و يبدو أن شاعرنا كانت لديه (إستيكة) يستخدمها أثناء المذاكرة
فطلبت منه ان يعيرها إياها بقولها لو تسمح وقبل أن يقول لها تفضلي أخذت (الإستيكة) من أمامه وكان لها منديل فحركه الهواء وغطى الإستيكة
و يبدو أنها قد نسيت إعادتها فقامت لتذهب لكافتيريا الجامعة فأخذت معها إستيكة صاحبنا وهي بداخل المنديل و وضعتها داخل الشنطة
وعندما عادت لإستكمال المذاكرة كان (جاغوم بن بلّاع) قد أكمل قصيدته ……
*تسمح …!*
وكيف يا حلوة ما بسمح
أصابعي العشرة تكتب ليك
وقلبي (إستيكةً) للغلط يمسح
يذوب بين أصبعين حلوين
يتوه جوه السطور يسرح
ولمن تنتهي الكلمات
يخش الشنطة في منديل
ونمشي القهوة نتفسّح
الى أن يُوصِف الحال بعد عودتها الى المكتبة مرة أخرى فيقول ….
وترجعي تاني يا الحلوة
وتلقيني هناك مصلوب
أشوف الناس طشاش في طشاش
وأقرأ سطوري بالمقلوب
أعاين ليك تغمدي إنتي
تعايني لي أغمد أنا
ونعيد القصة من أولا
تعايني لي أفتح أنا
تفر البسمة تضوي سنا
وأقول للسمحة
لوتسمح أحسن
نمشي في زاويا و ركن ضلمة
تقول بسمح
تقوم السمحة
تتلملّم و تتبسم
وأنا أتراجف وأتخمخم
و أدق (الجيرك)
وأقط روري
وأدقش الماشي (أوف سوري)
وجنب السلم (اوب سوري)
واعفص الجمبي (أوف سوري)
هناك في الزاوية نتقعّد.!!
وأستغفر وأتشهد
وأشيل نفسي
وأقول ليكي
و و والله
والحاصل
وما قادر أقول ليكي
تقول يا ده
فيها شنو و معانا منو
وقول يعني
وما تخجل وتتعقّد
قال…..
أقولها أنا أتعقّد…!!
أجُر الكرسي لي قدّام
وأزيد الخلطة تسبيكة
وأقول ليكي
وبي صوتاً ندِي و رائع
يفيض رِقّة و مزيكا
من فضلِك ونترجاك
ترجعي ليّ الإستيكة
*(شُفتو الكبكبة كيف)*
*الأستاذ محجوب فضل بدري*
رجل إعلامي وكاتب وقاص و مؤرخ و ذو حديث (طاعم) لا يُملْ
سبق أن شرفني مشكوراً بكتابة مُقدمة لكتابي الثاني
*(شجرة ود العوض)*
ولعله قد إستوقفته طُرفة كتبتها عن عمنا محمد علي ود رحمة (رحمة الله عليه)
كان يُحدث بها جمعاً داخل ديوان أولاد كبريت في يوم أول عيد فطر يمُر على وفاة الأستاذ الفاضل أحمد الأصيل (رحمة الله عليه)
وكان من ضمن الحضور خالي الطيب ود حقّار وكنت شاهداً
*خُلاصة الطرفة*
أن ود رحمة وهو رجل (خضرجي) قال إنه كان ذاهب لتسويق ما تبقى له من خضار بقرية الفقراء غربي العيكورة وكان يوم رمضاني شديد الحرارة.
فإنحرف به حماره و شرب من جدول (أب عشرين)
فما كان منه إلا وأن نزل وشرب مع حماره واصفاً ذلك في قوله ……
والله يا ود حقّار
الساعة يا الحمار
إنزوى بيّ على أب عشرين وقال للموية (كع كع كع)
حرّم نزلت شربت معاهو
العطش مو كعب آآ ود حقّار
*أستاذ محجوب إستوقفته هذه الطرفة وقال في التقديم*
أما عمنا ود رحمة فذاك رزق قد ساقه الله إليه
ثم هاتفني بعدها …..
بإنها أي (الطُرفة) ذكّرته
بأحدهم فاجأ محبوبته من بين حقول القصب (بحوّاشة) بمشروع الجزيرة
والفتاة كانت ترد الماء من جدول (أب عشرين)
وعندما سمعت صوت خشخشة القصب
توجست و توقفت عن ورد الماء أي (إنخلعت) كما يُقال بالعامية السودانية
فقال فيها ……
*شبيهة الصيدة*
*الدِرعا بت الدِرعا*
*سمعت كشكشو*
*خنست بعد ما بترعى*
*من نيران غراما*
*طبقوا لي الولعة*
*أنا أب عشرين شربتو*
*و داير أتم بالتُرعة*
فقلت لأستاذ محجوب هل *الدِرعا)* هي في الأصل *(الترعى)*
أي التي ترعى العُشب وخُفِفت التاء الى الدال؟
فقال لا ….
إنما (الدرعاء) هي الصيدة البُنِّية الى على صدرها بياض
أستاذ محجوب ياخ إنت زول موسوعي مُدهش
ولن يشقى جليسكم
متعكم الله بالصحة والعافية
*(جمعة مباركة عليكم)*
الجمعة ٥/يوليو ٢٠٢٤م