محجوب مدني محجوب يكتب:
إن أريد إلا الإصلاح:
تأملات في القدر
قسم الله جلت قدرته حياة الإنسان إلى فعلين:
فعل محاسب عليه، وقد تكفل بإيصال هذا الفعل الأنبياء والرسل عليهم السلام.
وفعل غير محاسب به وقد تكفل بهذا الفعل القدر، وهو الذي يتم من الله عز وجل مباشرة لا أحد من البشر يتدخل فيه سواء بتنفيذه أو منعه.
ومن هنا جاء ركن الإيمان بالقدر خيره وشره؛ لأنه من عند الله ويجب التسليم به.
من أمثلة الفعلين الحرب الدائرة في السودان، فهي من قدر الله لا أحد يستطيع أن يمنع حدوثها كما أنه لا أحد يستطيع أن يوقفها إلا بأمر الله.
أما الصبر عليها والدعاء والسعي مل في مجاله بأن يخلصنا الله منها واحتساب الأجر لكل مفقود فيها كل هذه الأفعال تدخل في الفعل الأول بحيث يثاب فاعلها ويعاقب الساخط الجزع المستنكر لأقدارها.
تجلت معاني القدر في سيرة نبينا موسى عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام.
تجلت من خلال محورين:
الأول: من خلال أنها ظهرت في حياته، وفي ذلك مثل الأقدار التي تحدث لكل البشر.
والثاني: من خلال مرافقته للرجل الصالح.
وبالإمكان الربط بين المحورين لإدراك مدى معاني القدر.
فالله سبحانه وتعالى أغرق السفينة؛ لينجو أهلها من بطش الملك كما أنه أغرق موسى؛ لينقذه من بطش فرعون.
الله سبحانه وتعالى قتل النفس؛ لأنها عاقة بوالديها كما أنه جعل موسى يقتل نفسا؛ ليخرج من مصر.
فلولا أنه قتل نفسا لما خرج من مصر إلى مدين.
الله لم يجعل الرجل الصالح يأخذ أجرا على البناء؛ لأن الغرض كان من أجل أن يحفظ كنز الولدين البارين.
كما أن موسى لم يكن ليأخذ الأجر حينما سقى للبتتين؛ لأن الله أراد أن يكافئه بعمله من أجل أن يكون هذا الفعل سببا في إيوائه وسلامته من فرعون.
فالشاهد في سيرة موسى عليه السلام أمران:
الأول: أن الأقدار بيد الله.
الثاني: أن الله سبحانه وتعالى جلت حكمته لا يوجه البشر توجيها مباشرا، ولكنه يصنع لهم أقدارا تجعلهم يسيرون في أمر يريده الله.
فلا أحد اليوم ممن يجلس في كسلا أو القضارف أو الفاو أو غيرها من بقاع الدنيا كان ذلك باختياره، وإنما أضطرته ويلات الحرب أن يسافر إلى هذا المكان أو ذاك.
بل والبعض لو قلت أنه سيموت في ذاك المكان لما تم استيعاب ذلك، ولكن الله سير الأحداث بحيث تقود ذلك الشخص أن يموت في ذات المكان الذي قدره الله له أن يموت فيه.
بعكس الأفعال الاختيارية، فإن الله يريد أن يرى عبده في المكان الذي أمره أن يكون فيه؛ ليرضى عنه.
ويريد الله أن يفتقد العبد في المكان الذي نهاه الله عنه؛ ليرضى عنه كذلك.
أما كون العبد يسير بسبب أقدار الله، فما عليه إلا التسليم بهذه الأقدار، ولن يعاقبه الله أو يحاسبه بسبب أنه تحرك بسبب الأقدار.
جل الذين يقعون في خلط وفي تخبط في أمور دينهم بسبب أنهم لا يدركون ولا يفصلون بين الفعلين.
الفعل الاختياري الذي ينبغي للعبد أن يقوم به وفقا لدعوة الرسل عليهم السلام.
والفعل الإجباري الذي ينبغي أن يسلم به العبد دون اعتراض أو رفض له.
لأن الله اقتضت حكمته ألا يوجه أفعال البشر توجيها مباشرا، وإنما يوجهها وفقا لأقدار أخرى.
فمن أدرك معنى القدر هانت عليه مصيبته.
فهو من جهة لا يستطيع أن يوقف القدر، فهو من عند الله، ومن جهة أخرى هذا القدر سيقوده إلى خير لا يكتشفه إلا بعد حين.
شاهد أيضاً
*قسم بشير محمد الحسن يكتب :* *افرازات تدهور العملة السودانية امام العملات الاجنبيه !!!*
*قسم بشير محمد الحسن يكتب :* *افرازات تدهور العملة السودانية امام العملات الاجنبيه !!!* مازالت …