الرئيسية / الاعمدة / السفير الصادق المقلي يكتب: اليونيتامس…. الدبلوماسية السودانية ، ياسر العطا ،،و. حكاية البصيرة أم حمد

السفير الصادق المقلي يكتب: اليونيتامس…. الدبلوماسية السودانية ، ياسر العطا ،،و. حكاية البصيرة أم حمد

السفير الصادق المقلي يكتب: اليونيتامس…. الدبلوماسية السودانية ، ياسر العطا ،،و. حكاية البصيرة أم حمد
بناءا على طلب الحكومة السودانية أصدر مجلس الأمن في الأول من ديسمبر الجاري القرار رقم 2715..بانهاء ولاية بعثة اليونيتامس في السودان ابتداءا من الرابع من ديسمبر الجاري ،،،علي أن تؤول مهام البعثة و أصولها لوكالات الأمم المتحدة المتخصصة العاملة في السودان ريثما يتم تصفية عملها في 29 فبراير من العام المقبل…
هنا يبدو الأمر طبيعيا و لا جديد و لا غرابة فيه. و لم يكن يحتاج لاي جهد أو تحرك دبلوماسي..
ففي الثاني من يونيو 2023,, و في غضون هذه الحرب العبثية..كما وصفها البرهان نفسه ….اصدر مجلس الأمن القرار 2685 بتمديد تقني لستة أشهر فقط ينتهي 3 ديسمبر.23 .. بينما دأب على التمديد من قبل لعام كامل ..و قد كان من المفترض أن يتم في 2 ديسمبر تمديد ولاية البعثة لعام آخر.. شريطة إتفاق كلا الطرفين… الأمر الذي جعل وزارة الخارجية تستبق اجتماع مجلس الأمن بخطاب رسمي طلبت فيه إنهاء عمل البعثة…..و بما أن البعثة لا يمكن أن تعمل دون موافقة الدولة المضيفة كان لا بد من الاستجابة التلقائية لطلب الحكومة السودانية …و من ثم جاء هذا القرار التلقائي و البديهي رقم…2715.. من قبل مجلس الأمن بأنها ء عمل البعثة في السودان..هنا يبدو الأمر من البديهيات و لا يحتاج الي جهد دبلوماسي من قبل الخارجية السودانية…لأن نتيجة الاجتماع معروفة سلفا حتي لراعي الضأن في الخلاء..مع كامل الاحترام لهذه المهنة الشريفة… خاصة و أن القرار 2685،ترك الخيار للحكومة السودانية بالموافقة أو الرفض فيما يتعلق بتمديد أجل البعثة…و رغم ذلك هناك من اعتبر هذا القرار جزافا انتصارا للدبلوماسية السودانية…
نعم هذا القرار لم يفاجئ أحدا كما
ذكرنا آنفا …لكن ما يدعو للغرابة فيه أنه لم يكتفي فقط بإصدار قرار بإنهاء ولاية البعثة كما تشتهي سفن الخارجية السودانية ،و لكنه علي ما يبدو أنه دس السم…..((فقرات الديباجة PP )) في عسل الاستجابة السريعة و البديهية لطلب الحكومة السودانية في فقرة عاملة OP ..x و الاعراب عن الالتزام بسيادة و استقلال السودان و وحدة اراضيه .. . و لعل المندوب الروسي هو الذي فطن لهذا الفخ ، معبرا عن ذلك بإمتناع وفده عن التصويت ، الأمر الذي فات علي فطنة الذين انتشوا بصدور هذا القرار و نصبوا له سرادق الفرح .. حقيقة نبدأ هذه القراءة بأن ثمة عدة علامات استفهام تدور حول امتناع روسيا عن التصويت على هذا القرار الذي حاز علي اجماع مجلس أعضاء الأمن. .في الوقت الذي دأبت فيه روسيا علي التعاطف مع الحكومة السودانية في اي قرار يصدر في حق السودان من المعسكر الغربي،،، مثلما تعاطفت الدبلوماسية السودانية مع روسيا في كافة القرارات التي صدرت في حق موسكو بشأن الأزمة الأوكرانية!!!! هنا تنبع علامة التعجب و الاستفهام فيما يتعلق بموقف الوفد الروسي إزاء هذا القرار…هذه هي اولي الملاحظات التي فاتت علي فطنة الكثيرين حتي الذين احتفوا به ..
ففي اعتقادي أن هذا الموقف الروسي…و لا أدري إن كان قد تم بتنسيق مع الوفد السوداني أم لا ..تم اتخاذه تحفظا أو اعتراضا على فقرات ديباجة القرار التي ركزت و اكيد لحاجة في نفس يعقوب .و بصورة تبدو انتهازية .علي الوضع الراهن في قرار يصدر لأول مرة من المجلس حول الحرب الدائرة في السودان..و و يتحدث فيه عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و للقانون الدولي الإنساني من كافة الأطراف… فوضع الدعم السريع ا و الجيش قارب واحد.!!!!؟؟ …و ٱلا ما هي علاقة كل هذا الاقحام المسهب للحرب في السودان بطلب الخارجية السودانية بإنهاء ولاية البعثة ؟؟؟ و هنا يكمن فخ القرار في انتهازية من الدول الغربية التي تنادي بوقف الحرب . قرار ملزم يصدر لأول مرة من مجلس الأمن يثير فيه ما أسماه بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و للقانون الدولي الإنساني من كلا الطرفين و يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار و العدائيات و تسهيل انسياب العون الإنساني للمتضررين و يعرب عن تأييده لمنبر جده و لكافة مساعي الاتحاد الافريقي و الايفاد و دول الجوار التي تلتقي جميعها في مبادرات تدعو إلى الحل السلمي و المستدام في السودان..كما تناشد جميع الفرقاء العمل علي تحقيق تسوية سياسية مستدامة تلبي تطلعات الشعب السوداني في الاستقرار و الامن و الديمقراطية و الحياة الطبيعية الكريمة….
كما تلاحظ أيضا أن مجلس الأمن عمل علي ملء الفراغ الذي تخلفه مغادرة البعثة بالمصادقة علي تعيين الجزائري رمضان العمامرة كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة. .و هذا ما حدث في الكثير من بؤر النزاع فهناك على سبيل المثال لا الحصر السنغالي عبد الله باتيلي في ليبيا و السويدي هانس غروندبرغ في اليمن .. فالحكومة السودانية قد استبدلت بعثة أممية ذات طابع فني خالص بمبعوث يشكل آلية مراقبة و تقرير عن الأوضاع السياسية والأمنية الراهنة في السودان…
و لا أدري هل هذه الصياغة للقرار الذي أقحم مسألة الحرب في السودان في طلب الحكومة السودانية بإنهاء عمل البعثة قد تم بعلم الوفد السوداني و بتنسيق كما جرت العادة في المحافل الدولية مع المجموعات العربية و الإسلامية و الأفريقية , أم لم يحدث ذلك ؟؟؟؟ هنا يكمن الفخ الذي كان في اعتقادي وراء امتناع الوفد الروسي عن التصويت….اللهم إلا أن كان هناك تفسير آخر للموقف الروسي من الوفد السوداني في نيويورك…!!
ما فعله المندوب البريطاني في معرض شرحه لتصويت بلاده مع القرار ،،،لم تفعله بعثة السودان. كان عليها و من خلال اللوبي العربي و الافريقي و الاسلامي أن لا تفوت هذه الصياغة ،،، التي كانت صنيعة لدهاء الوفد البريطاني ،،،دون الحرص علي عكس تجاوزات الدعم السريع في حشايا القرار،، مثلما فعل المندوب البريطاني الذي تحدث عن الانتهاكات و لكنه أخص بالذكر الدعم السريع خاصة في إقليم دارفور!!! و قد جاء النص الاخير للقرار واضعا الجيش و الدعم السريع في قارب واحد كما سلف ذكره..فهل يا تري كانت كل تحركات الوفد السوداني مع المندوبين الدائمين هناك حصرا علي الاستجابة لطلب إنهاء البعثة..؟؟
و هذا الأمر لا يحتاج لدبلوماسية رئاسية و لا للجنة وطنية عليا و لا لارسال وفد رفيع المستوى الي نيويورك…كما ورد في بيان وزارة الخارجية عن الموضوع..فما حدث لا يحتاج لكل هذا الجهد فقرار مجلس الأمن في الثاني من يونيو الماضي نص علي أن لا تمديد لأجل البعثة من دون موافقة الدولة المضيفة..و لذلك كان الأحري و الأقل تكلفة للدولة الاكتفاء فقط بالخطاب الذي بعثته الخارجية الي الأمم المتحدة بإنهاء ولاية البعثة..و هو الذي بموجبه كانت الاستجابة التلقائية لطلب الحكومة السودانية…
و لعل الخارجية السودانية خلقت موضوعا في غير موضوع it is a non issue…. فبعثة اليونيتامس و منذ انقلاب أكتوبر و ما وجه لها من سهام عرابو مسيرة الكرامة و المطالبة براس فولكر. . مرورا باستقالة الاخير . ظلت مشلولة الإرادة ،مهيضة الجناح إن لم تكن في حيز العدم … فضلا عن أن انقلاب 25 أكتوبر و ما صاحبه من حراك ثوري و سياسي جعل البعثة تنحرف مكرهة عن مهمتها الأساسية في دعم التحول الديمقراطى و متطلبات الانتقال ، الي راعية و مسهلة للحوار الوطني ، في سبيل حل للازمة السياسية التي أقعدتها عن القيام بالمهام المنوطة بها وفق قرار مجلس الأمن 2524…و لذلك لا يمكن الحديث عن اخفاق لها في مهام لم تبدأ اصلا في تنفيذها بسبب الانقلاب و ما خلقه من إحتقان سياسي و حراك ثوري في الشارع و تعطيل لدولاب العمل و الاعمال بإغلاق الشوارع بالتتريس من قبل الثوار و بالحاويات من قبل السلطات…و من انفلات أمني و صراعات قبيلة في بعض الولايات…و لذلك اي حديث بصورة مطلقة عن اخفاق هذه البعثة الأممية حديث مردود لقائله…بل تلك هي إخفاقات النخبة السياسية عسكر و مدنيين منذ الخمسينات…
في الختام لعلي اختلف مع بعض المحللين السياسيين الذين قفزوا فوق المراحل و ذهبوا إلى القول إن هذا القرار ينطوي علي نية للتدخل الأجنبي تحت الفصل السابع….فلم يكن الأمر كذلك…فالقرار ركز علي منبر جده و دور الايقاد و دول الجوار في التواصل الي تسوية سلمية مستدامة للنزاع في السودان…اي انه قد رمي بالكرة ، ، و لحين اشعار اخر ، في ملعب منبر جده…
بيد أنه ليس من المستبعد إن استمر الحال على ماهو عليه و تفاقمت هذه الكارثة الإنسانية بسبب استمرار الحرب ، علي نحو يشكل تهديدا للأمن و السلم الدوليين…فلا مناص من تدخل أممي وفق ما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة…و لا غرو فالبرهان في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة و كذا الخطاب المنسوب لحميتي ، كلاهما جعلا البابا مواربا لمثل هذا التدخل و ذلك لما ذهبوا إليه من قول أن الوضع في دارفور يشكل تهديدا للأمن و السلم الدوليين….و حقيقية فإن الوضع الأمني و الإنساني الراهن في دارفور. ينذر بمثل هذا التدخل الأممي أن لم يصل الفرقاء الي حل سلمى و تسوية تفاوضية لهذا النزاع المسلح و وضع حد لهذه الحرب العبثية… فالوضع الحالي في دارفور أسوأ بكثير من ذلك الذي استدعى إبتعاث قوات حفظ السلام اليوناميد من قبل في دارفور.
أما حديث ياسر العطا فهو مجافي تماما لكافة الاعراف الدبلوماسية…
أولا ليس هناك قيادي عسكري في اي بقعة في العالم يقحم نفسه في مجال هو من صميم مهام الدبلوماسية السودانية…و هذا ما يعكس في المقام الأول عدم التناغم. و التقاطع غير المؤسسي …و هو خطاب غير مجدي و مضر بالعلاقات مع كل الدول التي خصها يأسر العطا بالذكر في تصريحاته ..it rather reflect the inconsistency in the official rhetoric which is very counterproductive and detrimental to our foreign policy.and to our bilateral relations.with the concerned countries……ثانيا ، حتي و لو توفر لديه الدليل علي اتهام هذه الدول،،، كان من المفترض أن يعالج الأمر عبر القنوات الدبلوماسية عن طريق الخارجية أو السفارات أو حتي عن طريق الدبلوماسية الرئاسية…ثالثا، ياسر العطا لعله قد كرر نفس الخطأ الذي ارتكبه في حق الرئيس الكيني و يحمد للبرهان أنه تلافي الحرج و التقي في زيارة لكينيا بروتو …و بالتأكيد هذه الزيارة قد أذابت جليد الذي أحدثته تصريحات ياسر العطا غير المدروسة….فهل يا ترى سوف يضطر البرهان لاتخاذ خطوة مماثلة تجبر هذا الضرر،؟؟؟
خلاصة الأمر أن الدبلوماسية السودانية في طلبها حول اليونيتامس و تصريحات ياسر العطا في حق الامارات . قد انطلت عليهم حكاية البصيرة أم حمد (( و حكاية جاء يكحلها عماها ))…هذا القرار قطع شعرة معاوية في العلاقة بين السودان و المجتمع الدولي و زاد الطينة ،سيما و أن السودان ظل يعاني منذ انقلاب أكتوبر من عزلة دولية و اقليمية و قطيعة تامة مع المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف ، و قد كان الأحري و الأجدي للدبلوماسية السودانية. و من صميم دورها الاصيل ، أن تعمل علي تجسير هذه العلاقات ، بدلا من أن تساهم هي نفسها في المزيد من المواجهة مع المجتمع الدولي المتمثل في مجلس الأمن…و استبدال الذي هو ادني بالذي هو خير…فالسودان الذي وصل إلي حالة اللادولة و غياب المؤسسات…..هو في حاجة أكثر من أي وقت مضى للدعم الفني الدولي. و إعادة الإعمار و اصلاح ما أفسدته الحرب..و إعادة كل الذين اخرجوا من ديارهم حذر الحرب،و استتباب الأمن و الاستقرار و تعزيز السلام…في ظل دولة مفلسة لم يبق لها من موارد غير الجبايات و جيب المواطن باعتراف وزير المالية ،حتي ريع هذه الجبايات قد تقلص الي اقل من خمسين في المائة.. فليس هناك في العالم من دولة تعيش في جزيرة معزولة بما فيها الدول الصناعية الكبرى…
In brief.. this bullet will definitely fire back on its own triggerers…
اخيرا رسالة في بريد للذين أطلقوا علي البعثة صفة المستعمر و المنتهكة لسيادة الدولة. بعثة فنية جاءت تحت الفصل السادس و بطلب من الحكومة السودانية لدعم الانتقال الديموقراطي .و غادرت ايضا بطلب من الحكومة السودانية…. ماذا يطلقون علي بعثات عسكرية لحفظ السلام مثل اليوناميس التي أفضت الي فصل الجنوب و نالت من وحدة اراضي الدولة.!!!!! ..و ماذا هم بقائلين عن بعثة اليوناميد التي استباحت في عهد الإنقاذ سيادة الدولة و انتقصت منها،، حيث جعلت من إقليم دارفور في معسكرات النازحين دولة داخل دولة..؟؟ ما لكم كيف تحكمون ؟؟؟؟؟

عن Admin2

شاهد أيضاً

محجوب مدني محجوب يكتب: إن أريد إلا الإصلاح. نتنياهو أمام المحكمة الجنائية!

محجوب مدني محجوب يكتب: إن أريد إلا الإصلاح. نتنياهو أمام المحكمة الجنائية! في صالحنا كمسلمين …