محجوب مدني محجوب يكتب:
إن أريد إلا الإصلاح:
لماذا استسلمت حكومة الإنقاذ للفساد؟
لا يمكن أن ينهب مسؤولون في الدولة وتعمل الحكومة على عدم محاسبتهم.
لا يمكن أن يتطاول المفسدون في البنيان وتغض الطرف عنهم الحكومة.
لا يمكن أن يمتلك المسؤولون الأراضي والعقارات والحكومة لا تلتفت لتجاوزاتهم
فلماذا إذن تسكت عنهم؟
فلماذا إذن تصادر الصحف التي تكشف فسادهم؟
القاعدة العامة تقول: إذا عرفت نقطة ضعف أي جهة تتعامل معها فأنت حينئذ ستجعلها أسيرة عندك.
تنطبق هذه القاعدة على الأفراد والجماعات.
تنطبق هذه القاعدة على المؤسسات والشركات.
فما هي نقطة ضعف حكومة الإنقاذ حتى عمل الفاسدون على استغلالها؟
ما هي نقطة ضعف الإنقاذ حتى صنع الفاسدون منها درعا لحمايتهم؟
هنا مربط الفرس.
القضية في غاية من البساطة.
هي أن هؤلاء الفاسدون اكتشفوا أن نقطة ضعف حكومة الإنقاذ وغايتهم الوحيدة هي المحافظة على السلطة.
هذه الرغبة من شدة حرص حكومة الإنقاذ عليها حتى أنها لم تتخيل في يوم من الأيام يمكن أن تكون خارج هذه السلطة.
يمكن أن تكون خارج القصر.
فعمل هؤلاء الفاسدون على اللعب على هذه الرغبة والغاية في كل تجاه:
* تجاه يثبتون لهم في كل لحظة أن همهم المحافظة على هذا الحكم.
* تجاه يجعلون من يعترض طريقهم ومن يريد أن يكشف جرمهم أن غرضه من ذلك كله هو في الأساس إضعاف الحكم.
غرضه في الإساس عدم قبوله برئاستكم.
غرضه في الأساس الطعن في حكمكم.
* وتجاه يقربون به من يمشي على منوالهم بذات الحجة ويبعدون من لا ينسجم معهم بذات الحجة، وهي أن الأول همه وحرصه كله على بقاء حكمكم ولولائه لكم، والثاني لا هم له سوى إبعادكم من الحكم.
وبهذه المعادلة التي اتفق عليها الطرفان (الفاسدون وحكام الإنقاذ) حدث الانسجام وبناء على ذلك اشتغل المصنع بطريقة تلقائية بحيث يفرخ المفسد ويلفظ الآخر الذي لا علاقة له بهذا المفسد لا هوى ولا نشاطا.
هذه المصلحة المتبادلة بين الفاسدين والنظام كانت تزداد وتقوى يوما بعد يوم.
فمن جهة يطمع الفاسدون أكثر ولا تشبع لهم بطن، ومن جهة كلما تحدقت الأخطار في وجه النظام كلما تشبث هذا النظام بهؤلاء المفسدين وذلك بسبب كمية الإغراءات والأكاذيب والتلافيق التي يصنعها لهم هؤلاء الفاسدون.
حتى نشأت بينهما علاقة وطيدة لم تستطع كل أجهزة الدولة إلا أن تدور في رحاها.
إلى أن اختلط بينهما الحابل بالنابل وأصبح لا يمكن التمييز بين طالب المال منهم، وبين طالب السلطة بين طالب الجاه منهم وبين طالب التقرب لكبار المسؤولين.
هذه العلاقة بين الفساد وطلاب السلطة قويت لدرجة أنها لم تستطع قوة أن تفصل بينهما إلى أن جاءت لحظة الصفر وسقط كلا الطرفين.
كل هذا السقوط المدوي للطرفين لأنمها مرتبطان ببعضهما البعض لفترة طويلة.
فها هما اليوم بسبب هذا الارتباط يقومان ويقعدان معا من أجل إعادة هذه العلاقة.
فمصالحهما وخطرهما صارت واحدة لا انفكاك منها.
الرئيسية / الاعمدة / محجوب مدني محجوب يكتب: إن أريد إلا الإصلاح: لماذا استسلمت حكومة الإنقاذ للفساد؟
شاهد أيضاً
*د.محمد الريح الشيباني يكتب:* *سطور من نور:* *هذا ليس من الكرم في شيء*
*د.محمد الريح الشيباني يكتب:* *سطور من نور:* *هذا ليس من الكرم في شيء* أغيثوا المنكوبين …